للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صارت في حكم الطَّاهرات من وجهٍ، وفي حكم الحُيَّض من وجهٍ، والوجوه الَّتي هي فيها في حكم الحُيَّض أكثر من الوجوه الَّتي هي فيها في حكم الطَّاهرات، فإنَّها في حكم الطَّاهرات في صحَّة الصِّيام ووجوب الصَّلاة، وفي حكم الحيَّض في تحريم قراءة القرآن عند من حرَّمه على الحائض، واللُّبث في المسجد، والطَّواف بالبيت، وتحريم الوطء، وتحريم الطَّلاق في أحد القولين، فاحتاط الخلفاء الرَّاشدون وأكابر الصَّحابة للنِّكاح، ولم يُخرِجوها منه بعد ثبوته إلا بيقينٍ (١) لا ريبَ فيه، وهو ثبوت حكم الطَّاهرات في حقِّها من كلِّ وجهٍ، إزالةً لليقين بيقينٍ مثله، إذ ليس جعلُها حائضًا في تلك الأحكام أولى من جعْلِها حائضًا في بقاء الزَّوجيَّة وثبوت الرَّجعة، وهذا من أدقِّ الفقه وألطفه مأخذًا.

قالوا: وأمَّا قول الأعشى:

لما ضَاع فيها من قُروءِ نسائكا (٢)

فغايته استعمال القروء في الطُّهر، ونحن لا نُنكره.

قولكم: إنَّ الطُّهر أسبق (٣) من الحيض، فكان أولى بالاسم= فترجيحٌ طريفٌ (٤) جدًّا، فمن أين يكون أولى بالاسم إذا كان سابقًا في الوجود؟ ثمَّ ذلك السَّابق لا يُسمَّى قرءًا ما لم يسبقه دمٌ عند جمهور من يقول: الأقراء


(١) في المطبوع: «بقيد» خلاف النسخ.
(٢) ص، د، ز: «نسائك». وهو شطر بيت تقدم تخريجه.
(٣) ص، د: «اشتق».
(٤) م: «ظريف».