للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ثمَّ لم نخالفهم في (١) توقُّف انقضائها على الغسل، بل قلنا: لا تنقضي حتَّى تغتسل أو يمضيَ عليها وقت صلاةٍ، فوافقناهم في قولهم بالغسل، وزدنا عليهم انقضاءها بمُضِيِّ وقت الصَّلاة؛ لأنَّها صارت في حكم الطَّاهرات بدليل استقرار الصَّلاة في ذمَّتها، فأين المخالفة الصَّريحة للخلفاء الرَّاشدين؟

قولكم: لا نجد في كتاب الله للغسل معنًى.

فيقال: كتاب الله تعالى لم يتعرَّض للغسل بنفيٍ ولا إثباتٍ، وإنَّما علَّق الحلَّ والبينونة بانقضاء الأجل. وقد اختلف السَّلف والخلف فيما ينقضي به الأجل، فقيل: بانقطاع الحيض. وقيل: بالغسل منه (٢). وقيل: بالغسل أو مُضِيِّ صلاةٍ أو انقطاعه لأكثره. وقيل: بالطَّعن في الحيضة الثَّالثة.

وحجَّة من وقفه على الغسل قضاء الخلفاء الرَّاشدين، قال الإمام أحمد: عمر وعلي وابن مسعودٍ يقولون: حتَّى تغتسل من الحيضة الثَّالثة. قالوا: وهم أعلم بكتاب اللَّه تعالى، وحدودِ ما أنزل على رسوله، وقد روي هذا المذهب عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق وعثمان بن عفَّان وأبي موسى وعبادة وأبي الدَّرداء، حكاه صاحب «المغني» (٣) وغيره عنهم. ومن هاهنا قيل: إنَّ مذهب الصِّدِّيق ومن ذكر معه أنَّ الأقراء: الحيض.

قالوا: وهذا القول له حظٌّ وافرٌ من الفقه، فإنَّ المرأة إذا انقطع حيضها


(١) م، ز: «من».
(٢) «وقيل: بالغسل منه» ليست في ص، د.
(٣) (١١/ ٢٠٤).