للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنزل له شفاءً». وقد تقدَّم هذا الحديث وغيرُه (١).

واختُلِف في معنى «أنزل الدَّاء والدَّواء»، فقالت طائفة (٢): إنزالُه: إعلامُ العباد به. وليس بشيءٍ، فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر بعموم الإنزال لكلِّ داءٍ ودوائه، وأكثرُ الخلق لا يعلمون ذلك. ولهذا قال: «علِمَه من علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله» (٣).

وقالت طائفة: إنزالهما: خلقُهما ووضعُهما في الأرض، كما في الحديث الآخر: «إنَّ الله لم يضع داءً إلا وضَع له دواءً» (٤). وهذا وإن كان أقرب من الذي قبله، فلفظة «الإنزال» أخصُّ من لفظة الخلق والوضع، فلا ينبغي إسقاط خصوصيَّة اللَّفظة بلا موجِبٍ.

وقالت طائفة: إنزالهما بواسطة الملائكة الموكَّلين بمباشرة الخلق من داءٍ ودواءٍ وغير ذلك، فإنَّ الملائكة موكَّلةٌ بأمر هذا العالم وأمر النَّوع


(١) في أول هذا المجلد. وسبق التنبيه على أن الحديث المذكور لم يخرِّجه مسلم، وإنما تابع المؤلف الحموي (ص ٦١).
(٢) انظر الأقوال الثلاثة الأولى في «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٧/ ١٢٠) وعنه نقل الحموي في كتابه (ص ٢٧٣، ٦١).
(٣) أخرجه أحمد (١٨٤٥٦) من حديث أسامة بن شريك - رضي الله عنه -، وأخرجه أيضًا (٣٥٧٨، ٣٩٢٢، ٤٢٣٦، ٤٣٣٤) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد تقدَّم تخريجهما في أوائل المجلد.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٨٥٥)، والتِّرمذيُّ (٢٠٣٨)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (٧٥٥٣، ٧٥٥٤)، وابن ماجه (٣٤٣٦)، وأحمد (١٨٤٥٤)، والبخاريُّ في «الأدب المفرد» (٢٩١)، من حديث أسامة بن شريك - رضي الله عنه -. وقد تقدَّم تخريجه في أوائل المجلد.