للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن شهيد المعركة لا يصلى عليه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلِّ على شهداء أحد، ولم يُعرَف عنه أنه صلى على أحد ممن استشهد معه في مغازيه، وكذلك خلفاؤه الراشدون ونوابهم من بعده (١).

فإن قيل: فقد ثبت في «الصحيحين» (٢) من حديث عُقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاتَه على الميت، ثم انصرف إلى المنبر.

وقال ابن عباس: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أحد (٣).

قيل: أما صلاته عليهم، فكانت بعد ثمان سنين مِن قتلهم قربَ موتِه كالمودِّع لهم، ويُشبه هذا خروجه إلى البقيع قبل موتِه ليستغفرَ لهم كالمودع للأحياء والأموات (٤)، فهذه كانت توديعًا منه لهم، لا أنها سنة الصلاة على الميت ولو كان ذلك لم يؤخرها ثمان سنين، لا سيّما عند من يقول لا يصلى على القبر، أو يصلى عليه إلى شهر.


(١) وقد قال المؤلف قبل ذلك في «تهذيب السنن» (٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦): «والصواب في المسألة أنه مخيَّر بين الصلاة عليهم وتركها لمجيء الآثار بكل واحدٍ من الأمرين ... ».
(٢) البخاري (١٣٤٤) ومسلم (٢٢٩٦).
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٥١٣) والحاكم (٣/ ١٩٧ - ١٩٨) والبيهقي (٤/ ١٢) من حديث أبي بكر بن عيّاش عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس. وإسناده ضعيف، قال البيهقي: لا أحفظه إلا من حديث أبي بكر بن عياش ويزيد، وكانا غيرَ حافظين. وله طريق آخر عن مقسم عن ابن عباس، لكن إسناده واهٍ لا يُفرح به. انظر: «مقدمة صحيح مسلم» (ص ٢٣ - ٢٤) و «سنن البيهقي» (٤/ ١٣).
(٤) كما في حديث أبي مُوَيْهِبة عند أحمد (١٥٩٩٦، ١٥٩٩٧) والحاكم (٣/ ٥٦)، وفي إسناده لين لجهالة بعض رواته.