للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه فقال: «اكشفوا عن المناكب واسعَوا في الطواف» (١)، ليرى المشركون جَلَدهم وقوتهم، وكان يُكايدهم بكل ما استطاع، فوقف أهل مكة الرجالُ والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرتجز متوشحًا بالسيف يقول:

خَلُّوا بني الكفار عن سبيله ... قد أنزل الرحمنُ في تنزيله

في صحفٍ تتلى على رسوله ... يا رب إني مؤمن بقيله

إني رأيت الحقَّ في قبوله ... اليوم نَضرِبْكم على تأويله

ضربًا يزيل الهامَ عن مقيله ... ويُذهل الخليلَ عن خليله (٢)

وتغيَّب رجال من المشركين أن ينظروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنقًا وغيظًا، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثلاثًا، فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العُزَّى، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فصاح حويطب: نناشدك اللهَ والعقدَ لمَّا خرجتَ من


(١) هذا لفظ موسى بن عقبة عن الزهري مرسلًا، وله شواهد مسندة من حديث ابن عباس عند البخاري (٤٢٥٦) ومسلم (١٢٦٦)، ومن وجه آخر عنه عند أحمد (٢٦٨٢) وأبي داود (١٨٨٩) وابن حبان (٣٨١٢)، ومن حديث عمر عند أحمد (٣١٧) وأبي داود (١٨٨٧) وابن خزيمة (٢٧٠٨).
(٢) الأبيات ملّفقة من رواية موسى بن عقبة ورواية ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كلاهما عند البيهقي في «الدلائل» (٤/ ٣٢٣). وقد رويت بعض هذه الأبيات من حديث أنس عند الترمذي (٢٨٤٧) والنسائي (٢٨٧٣) وابن خزيمة (٢٦٨٠)، قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.