للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: لو عيَّن نوعًا وَنُهِيَّ عَنْ غَيرِهِ امْتَثَلَ؛ صَرَّحَ بهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَأَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ.

أَوْ لِشَعِيرٍ لَمْ يَزْرَعْ مَا فَوْقَهُ كَحِنْطَةٍ، لأن ضررها أكثر من ضرره، وَلَوْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ، أي بأنْ قال: أعرتك للزراعة، صَحَّ فِي الأَصَحَّ وَيزْرَعُ مَا شَاءَ، لإطلاق اللفظ، والثاني: لا يصح؛ لتفاوت الضرر، قال الرافعي: ولو قيل: يصح؛ ولا يزرع إلا أقل الأنواع ضررًا لكان مذهبًا.

وَإِذَا اسْتَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ فَلَهُ الزَّرْعُ، لأنه أخف، وَلَا عَكْسَ، لأن ضررهما أكثرُ ويقصد منهما الدوامُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَغْرِسُ مُسْتَعِيرٌ لِبِنَاءٍ، وَكَذَا الْعَكْسُ، أي لا يبني مستعيرٌ لغراسٍ؛ لاختلافِ الضررِ، إذ ضرر البناء في الظاهرِ والغِرَاسُ في الباطنِ لانتشار العروق، والثاني: يجوز، لأن كلا منهما للتأبيد.

وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إِعَارَةُ الأرْضِ مُطْلَقَةً، بَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ، لأنَّ الإِعَارَةَ مَعُونَةٌ شَرْعِيَّةٌ جوزت للحاجة؛ فلتكن على حسبها، ولا حاجة إلى الإعارةِ المرسلةِ، وهذا هو الأظهر عند الإمام والغزالي، والثاني: يصح مطلقهُ ولا يضر ما فيه من الجهالة، لأن العاريةَ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الإِجَارَةِ، وهذا ما أَوْرَدَهُ العراقيونَ والماورديُّ والبغويُّ والرويانيُّ فينبغي ترجيح هذا لأن عليه الأكثرُ، كما قررناه، قال الرافعي: والوجهُ الفطعُ بأنَّ إطلاقَ الاعارةِ لا يُسَلَّطُ على الدَّفْنِ لما فيه من ضرر اللزومِ، هذا كله إذا كان المستعار ينتفعُ بِهِ من جهتين فصاعدًا كالأرض والدابة، أما إذا كان لا ينتفع به إلا بجهةٍ واحدةٍ كالبساطِ بالفَرش؛ فإنه لا يحتاج في إعارته إلى بيان الانتفاعِ ويستعملُهُ فِي ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ.

فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ الْعَارِيَةِ مَتَى شَاءَ، لأَنَّهَا مَبَرَّةٌ مِنَ الْمُعِيرِ، وَارْتفَاقٌ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ، فلا يليقُ بها الإلزامُ وَسَوَاءً الْمُطْلَقَةُ وَالْمُقَيَّدَةُ، إلا إِذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ فَلَا يَرْجِعُ حَى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ، محافظةً على حرمة الميت، وله الرجوع قبل الحفر وبعده ما لم يوضع فيه الميت وقوله (حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) هو أول جَوَابَي

<<  <  ج: ص:  >  >>