للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذهب كثير من الدارسين إلى أن بروز بعض أعضاء الجماعات اليهودية من أهم الأسباب التي تجلب عليهم عداء أعضاء الأغلبية من غير اليهود؛ وهو تعميم متعسف. فقد كان البروز يؤدي أحياناً إلى مثل هذه النتائج، كما حدث في ألمانيا النازية. ولكن، في إسبانيا الإسلامية أو أمريكا العلمانية، لم يؤد البروز والتميز إلى أي عنف أو تمييز ضد أعضاء الجماعة اليهودية. أما في بولندا، خصوصاً في أوكرانيا التي ضمت من منظور التطورات التاريخية اللاحقة أهم الجماعات اليهودية عبر التاريخ، فإن بروزهم قد أدَّى دون شك إلى استجلاب السخط عليهم لا بسبب البروز في حد ذاته وإنما بسبب طبيعته، إذ أن أعضاء الجماعة اليهودية كانوا قريبين من الطبقة الحاكمة عملاء لها، في إطار الإقطاع الاستيطاني البولندي في أوكرانيا، وبذا أصبحوا عنصراً استيطانياً تجارياً يمثل الأرستقراطية البولندية في وسط فلاحي، وعنصراً يهودياً ينوب عن عنصر كاثوليكي في وسط أرثوذكسي أوكراني، يتحدثون اليديشية أو البولندية في وسط يتحدث الأوكرانية، أثرياء في وسط من الفقراء والمعدمين. وقد تَحوَّل أعضاء الجماعة اليهودية إلى أداة يمسك بها النبلاء في وارسو يعتصرون بها الفلاحين. وحينما يكون البروز على المستويات الطبقية والدينية والثقافية، فإن الانفجار الشعبي يكون ساحقاً ماحقاً، وهذا ما حدث مع انتفاضة شميلنكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>