«الإدارة الذاتية للجماعات اليهودية» مصطلح نستخدمه بدلاً من المصطلح الإنجليزي ذي الأصل اللاتيني «أوتونومي autonomy» والذي يعني «الاستقلال أو الحكم الذاتي» ، وهو مصطلح شائع في الأدبيات الغربية عادةً ما يُستخدَم ليصف علاقة أعضاء الجماعات اليهودية بالمجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها، وهو في تصورنا أبعد ما يكون عن وصف حقيقة هذه العلاقة. ولذا نفضل استخدام مصطلح «الإدارة الذاتية» لأن مقدرته التفسيرية أعلى. فمن المعروف أن الحضارات التقليدية تتسم بالفصل الحاد بين الطبقات والفئات والأقليات، فكان لكل فئة مؤسساتها الإدارية التي تمثل الأقلية أمام الدولة والحاكم، وكانت الدولة بدورها لا تتعامل مع الأفراد مباشرة وإنما مع الفئات والطبقات والأقليات المختلفة باعتبارها تجمعات لها مؤسساتها. فكانت هذه المؤسسات تتولى جمع الضرائب مثلاً، كما كانت تتولى الشئون التعليمية والقضائية الخاصة بأعضائها. وكان لكل فئة أو أقلية مدارسها التي تديرها وتشرف عليها، كما كان لها محاكمها التي تفصل في النزاعات التي تنشب داخلها. ولم يكن يُستثنَى من ذلك فئة أو طبقة أو أقلية. والواقع أن الهدف من هذا التقسيم والاستقلال الإداري النسبي كان، على المستوى المحلي، هو تسهيل عملية الإدارة وضبطها.