تستخدم كلمة «قاضي»(بالعبرية: شوفيط) في المؤلفات الدينية اليهودية لتشير إلى معنيين، عام وخاص: المعنى العام هو القاضي الذي يحكم بين الناس، وبهذا المعنى يكون موسى أول القضاة، ثم خلفه في القضاء رؤساء العشائر وشيوخ المدينة. وكان الملك في التاريخ العبراني القديم يُعَدُّ من القضاة أيضاً، يحكم معه مجموعة من القضاة يكوِّنون مجلساً وعليهم استشارة الأنبياء والكهنة. وقد استمر هذا الوضع حتى التهجير البابلي.
ولكن كلمة «قاض» لها معنى آخر في تاريخ العبرانيين القدامى، فهي تشير إلى ما يمكن تسميتهم «شيوخ القبائل» . وهؤلاء أشخاص من الكهنة المحاربين جمعوا بين السلطة الدينية والسلطة الدنيوية، وسيطروا على أمور القبائل العبرانية بعد وفاة يشوع بن نون وحتى قيام حكم شاؤول أول ملوك القبائل العبرانية، وهي فترة تمتد حسب سفر القضاة نحو أربعة قرون. ولكننا إن قبلنا بأن واقعة الخروج أو الهجرة من مصر حدثت عام ١٢٧٥ ق. م، وأن شاؤول تُوِّج ملكاً عام ١٠٢٠ ق. م، فإن هذا يعني أن عصر القضاة لم يزد على قرنين ونصف من الزمان.
والواقع أن القبائل العبرانية حينما تسللت إلى أرض كنعان حوالي ١٢٥٠ ق. م، لم تكن هناك وحدة قومية متماسكة وإنما كانت هناك مجموعة من القبائل المتناحرة فيما بينها على نحو ما حدث حينما قام صراع بين سكان منطقة جلعاد وقبيلة إفرايم. ولم تكن هناك سلطة مركزية لهذه القبائل إذ كان الحكم فيها يقوم على أساس الحكم الأبوي والأسري كما هو الحال في مجموعات القبائل المشابهة.