بعد أن رصدنا فشل علم الاجتماع الغربي في تطوير نموذج شامل ومركب للعلمانية، وبعد أن بيَّنا أن مصطلح «علماني» شائع لأقصى درجة، وخلافي لأقصى درجة، فإننا سنحاول أن نقوم بتطوير نموذج تحليلي جديد وسنؤسس عليه تعريفاً لما نسميه «العلمانية الشاملة» . وقد لجأنا لعدة إستراتيجيات:
١ ـ التعريف من خلال دراسة مجموعة من المصطلحات المتقاربة ذات الحقل الدلالي المشترك أو المتداخل.
٢ ـ تطوير مصطلحات تحليلية جديدة لبلورة النموذج الكامن.
٣ ـ دراسة النمط الأساسي الكامن وراء عمليات العلمنة وتوضيح علاقة العلمانية بالتفكيك وما بعد الحداثة.
٤ ـ توضيح علاقة العلمانية بالإمبريالية.
ثم طرحنا بعد ذلك تعريفنا للعلمانية الشاملة.
العلمانية: التعريف من خلال دراسة مجموعة من المصطلحات المتقاربة ذات الحقل الدلالى المشترك أو المتداخل
مصطلح «العلمانية» ـ كما تَقدَّم ـ مُبهَم ومُختلَط، ولو كان الأمر بيدنا لاستغنينا تماماً عنه ولاستخدمنا بعض المصطلحات الأخرى (وخصوصاً مصطلح «نزع القداسة» أو «الواحدية الكونية المادية» ) نظراً لأنها مصطلحات أكثر شمولاً وأكثر عمقاً ودقة من لفظ «العلمانية» ، كما أنها مصطلحات جديدة غير محملة بأعباء أو أخلاقيات أيديولوجية وعقائدية حادة كما هو الحال مع لفظ «علمانية» .
ولكن هناك إشكالية تواجهنا جميعاً، وهي أن هذا المصطلح قد أحرز شيوعاً غير عادي بين دعاة العلمانية وأعدائها، وبين أعضاء النخبة والجماهير على حدٍّ سواء. ولذا، لا مناص من استخدامه، فالبدء من نقطة الصفر مسألة مستحيلة في مثل هذه الأمور. وما سنلجأ إليه هو إعادة تعريف مصطلح «علمانية» بحيث يصبح مجاله الدلالي أكثر اتساعاً وشمولاً. كما أننا سنستخدم مصطلح «علمنة» على نطاق واسع (لتأكيد البُعد الزمني للمصطلح) .