والبُعْد النووي احتل موقعاً خاصاً في الفكر الإستراتيجي الشامل للساسة الإسرائيليين انطلاقاً من اعتباره مظلة أمنية مستقلة لا تعتمد على محددات وعوامل حاكمة خارجية. ومن هنا ظهور ما يُسمَّى «عقيدة بيجين» التي تعني منع دول الشرق الأوسط من التسلح بأسلحة نووية ومن امتلاك التكنولوجيا النووية. وكانت عملية قصف المفاعل النووي العراقي ١٩٨١ فاتحة تطبيقات تلك العقيدة.
وموقع الخيار النووي في المنظومة الأمنية لم يكن مرتبطاً بركيزة إضعاف الخصوم، وإنما المحافظة على البقاء، الأمر الذي يتضح من كونه ذخيرة إستراتيجية غير مطروحة للاستخدام المباشر الفعلي إلا في حالات خاصة جداً هي على وجه الحصر تعرُّض الدولة لتهديد حقيقي بالفناء، فاستخدامه الفعلي لن يكون إلا بعد اختلال الميزان التقليدي لصالح العرب ونشوب حرب شاملة تتعرض فيه الدولة لتهديد فعلي بإنهاء وجودها أو ضرب مواقع حيوية فيها، فالسلاح النووي هو الملاذ الأخير. أما الاستخدام الفعلي للبُعْد النووي فكان الاستخدام السياسي سواء من خلال الضغط النفسي على الدول العربية بفَرْض ستار من الغموض حول حدود وطبيعة الخيار النووي يؤدي إلى تحسين وضع إسرائيل التفاوضي أو من خلال عملية الابتزاز التي تقوم بها مع الولايات المتحدة لتقديم مساعدات اقتصادية وسياسية وعسكرية ضخمة تغنيها عن اللجوء للقوة النووية.
«أزمة الصهيونية» اصطلاح نستخدمه للإشارة إلى المشاكل التي تواجهها الصهيونية كعقيدة تستند إليها الدولة الصهيونية، وتدَّعي لنفسها الشرعية على أساسها، وتؤسس علاقتها بيهود العالم والعالم الغربي من خلالها.