Intellectual Origins of Zionist Racism Against Jews and Arabs
تنطلق الصهيونية من توليفة من الأفكار العلمانية الشاملة التى شاعت في الحضارة الغربية في القرن التاسع عشر. ولعل أهم هذه الأفكار هو الفكر العنصري أو العرْقي الذي يرى البشر جميعاً مادة ولذا فالاختلافات بينهم مادية، كامنة في خصائصهم العرْقية والتشريحية، وأن البشر مادة بشرية يمكن أن تُوظَّف فتكون نافعة ويمكن أن لا يكون لها نفع. ومن هنا تَبرُز أهمية الاختلافات العرْقية (لون الجلد ـ حجم الرأس ... إلخ) كمعيار للتفرقة بين البشر. والخصائص الحضارية ورقي شعب ما وتَخلُّفه هو نتيجة صفاته العرْقية والتشريحية، ومن ثم فتقدُّم أو تَخلُّف شعب مسألة عرْقية متوارثة.
وتنبع الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة من هذا التشكيل العلماني الإمبريالي العرْقي فهي تفترض أن ثمة شعباً عضوياً يحوي داخله خصائصه العرْقية والإثنية. وهذا الشعب غير نافع يمكن نقله إلى أرض خارج أوربا لتوظيفه لصالحها ليتحول إلى عنصر نافع. وقد استخدمت الصهيونية النظريات العرْقية الغربية لتبرير نقل الشعب العضوي اليهودي المنبوذ من أوربا ولتبرير إبادة السكان الأصليين ليحل أعضاء هذا الشعب محلهم.
وقد عبَّرت النظرية العرْقية الغربية عن نفسها على مستويين:
أ) داخل أوربا: طبَّق منظروا العرْقية النظريات نفسها على شعوب أوربا وأقلياتها، فاتجه الألمان إلى وضع الآريين، وخصوصاً التيوتون، على رأس الهرم، كما نجد الإنجليز يضعون العنصر الأنجلو ساكسوني (الإنجليزي الأمريكي) عند هذه القمة. وقد كان هناك أيضاً من السلاف من فعل ذلك. وعلى أية حال، فإن الشعوب البيضاء (الشقراء) في الشمال تجيء على القمة، أما الشعوب الداكنة في الجنوب (الإيطاليون واليونانيون) فكانت توضع في منتصف الهرم، وفي قاعدة الهرم كان يوضع الغجر واليهود. وقد ظهرت أدبيات عرْقية معادية لليهود تحاول إثبات عدم انتمائهم لأوربا وانفصالهم عنها حضارياً أو عرْقياً كما تحاول إثبات تدنيهم.