[الباب الخامس: مصطلحات تشير إلى تفكيك الإنسان وتقويضه]
التفكيك والتقويض
«التفكيك» بالمعنى العام هو فصل العناصر الأساسية في بناء ما بعضها عن بعض بهدف اكتشاف العلاقة بين هذه العناصر والثغرات الموجودة في البناء واكتشاف نقط الضعف والقوة. ويمكن أن يتم التفكيك داخل إطار فلسفي إنساني بهدف زيادة إدراكنا للواقع. وفي هذه الحالة، فإن التفكيك أداة تحليلية لا تحمل أي مضمون أيديولوجي. ولكن يمكن أن يتم التفكيك في إطار نموذج الطبيعة/المادة والواحدية المادية بحيث يُرَدُّ كل شيء إلى ما هو دونه حتى نصل إلى الأساس المادي. ولكن عملية التفكيك يمكن أن تستمر فيتضح أن ما يُسمَّى «الأساس المادي» ليس أساساً على الإطلاق، فالمادة في حالة حركة وتَغيُّر ومن ثم لا يمكن أن تكون هناك حقيقة. والفلسفة التفكيكية (ما بعد الحداثة) فلسفة تهاجم فكرة الأساس نفسها (ولذا يُطلَق عليها بالإنجليزية أنتي فونديشناليزم anti-foundationlism) أي رفض المرجعية، وهي تحاول إثبات أن النظم الفلسفية كافة تحتوي على تناقضات أساسية لا يمكن تجاوزها، ومن ثم لا تصبح هذه النظم بذاتها طريقة لتنظيم الواقع وإنما علامة على عدم وجود حقيقة بل مجرد مجموعة من الحقائق المتناثرة فقط، وتصبح كل الحقائق نسبية، ولا يكون ثمة قيم من أي نوع. ومثل هذا التفكيك ليس مجرد آلية في التحليل أو منهجاً في الدراسة وإنما رؤية فلسفية متكاملة وهي فلسفة يؤدي التفكيك فيها إلى تقويض ظاهرة الإنسان وأي أساس للحقيقة. ورائد هذه الفلسفة هو جاك دريدا (تلميذ هايدجر) الذي استخدم في أولى دراساته الفلسفية اصطلاح «تخريب» أو «تقويض» (بالإنجليزية: ديستراكشن destruction) ، ثم استخدم مصطلح «تفكيك» (بالإنجليزية: دي كونستراكشن deconstruction) ربما ليخبئ الطبيعة العدمية لمشروعه الفلسفي.