وُلدت الأفكار الحديثة لمعاداة اليهود، وكذلك صورها الإدراكية، داخل هذا الإطار. ومن أهم وأول الإسهامات الغربية في هذا المضمار استخدام التمييز بين الآريين والساميين ونقله من المجال اللغوي إلى المجال الحضاري ثم العرْقي. وهذا ما فعله الكونت جوبينو في كتابه مقال في التفاوت بين الأعراق الإنسانية (١٨٥٣ ـ ١٨٥٥) ، فبسَّط النظريات السائدة، وقسَّم البشر إلى أعراق: أبيض (آري) ، وأصفر، وأسود. وذهب إلى أن الجنس الآري الأبيض هو مؤسس الحضارة، وأن السمات المتفوقة لهذا العرْق لايمكن الحفاظ عليها إلا عن طريق النقاء العنصري. وأكد جوبينو أن التيوتونيين هم أرقى العناصر الآرية لأنهم وحدهم الذين احتفظوا بنقائهم.
وتوالت بعد ذلك الأعمال العرْقية الغربية المعادية لليهود، ومن أهمها كتاب ولهلم مار (١٨١٨ـ١٩٠٤) انتصار اليهودية على الألمانية: من منظور غير ديني (١٨٦٢) . وكان مار مواطناً ألمانياً (يُقال إنه كان يهودياً) ، ثم انضم إلى جماعة فوضوية إلحادية في سويسرا بعد فشل ثورة ١٨٤٨. وقد طُبعت من الكتاب اثنتا عشرة طبعة حتى عام ١٨٧٩. وتحل في كتابه كلمتا «سامي» و «سامية» ، محل «يهودي» و «يهودية» . وهو الذي أشاع مصطلح «أنتي سيميتزم» ، أي «معاداة السامية» ، في اللغات الأوربية، وبيَّن في دراسته ما زعم أنه الهيمنة اليهودية على الاقتصاد والثقافة، كما أسس جماعة تضم أعداء اليهود عام ١٨٧٩.