الواقع لا يمكن له الآن أن يستمر، كما أن بدائل الاحتلال المستمر غير سارة وخطيرة; وألَّف بودورتز كتاباً بعنوان النجاح Making It في عام (١٩٦٨) ، وهو سيرة ذاتية لإنسان لا يؤمن بأية قيم مطلقة، وإنما يؤمن بالنجاح بأي ثمن. وهو يُطلق على الإصرار على النجاح عبارة «السرّ القذر الذي يخفيه مثقفو نيويورك» ؛ فشهوة النجاح لديهم تحل محل الشهوة الجنسية، وهي الدافع الأساسي في حياتهم.
[الباب الثانى عشر: الفلاسفة من أعضاء الجماعات اليهودية]
الفلسفة اليهودية والفلاسفة اليهود
Jewish Philosophy and Philosophers
«الفلسفة اليهودية» عبارة تفترض أن رؤى الفلاسفة من أعضاء الجماعات اليهودية وكذلك أنساقهم الفلسفية متماثلة ومتجانسة وأن ثمة عناصر تجانس وتشابه ووحدة بينها، تفوق في أهميتها وتفسيريتها عناصر عدم التجانس وعدم التشابه. ولكننا لو وضعنا فيلسوفاً هيلينياً يهودياً مثل فيلون إلى جانب فيلسوف إسلامي الحضارة والتفكير يؤمن باليهودية مثل موسى بن ميمون إلى جانب فيلسوف فرنسي يهودي مثل برجسون لاكتشفنا أن عناصر الاختلاف وعدم التجانس بين الفلاسفة اليهود من الأهمية والضخامة بحيث أن المقدرة التفسيرية والتصنيفية لمصطلح «فلسفة يهودية» أو حتى «فلاسفة يهود» ضعيفة إلى أقصى حد. ولذا، فنحن نفضل استخدام اصطلاح «الفلاسفة من أعضاء الجماعات اليهودية» حتى يتم تفسير أنساقهم الفلسفية المختلفة بالعودة إلى التشكيلات الحضارية التي كانوا يعيشون في كنفها والتي تفاعلوا معها واستمدوا منها الإطار الأساسي لأنساقهم الفلسفية وخطابهم، بل والأبعاد الأساسية لرؤيتهم للكون.