وفي مجال تفسير ظاهرة العزوف عن الخدمة العسكرية يمكن القول بأن الجيل الجديد لم يَعُد مشغولاً بمشكلة "أمن" إسرائيل انشغال الأجيال السابقة، وخصوصاً أنه أصبح يرى المجتمع الصهيوني بنفسه وقد تحوَّل إلى مجتمع توسعي بشكل صريح له مطامح استعمارية واضحة. إن أكذوبة «جيش الدفاع الإسرائيلي»(الاسم الرسمي للجيش الصهيوني) لم يَعُد من الممكن تقبلها، فهذا الجيش الدفاعي يصول ويجول في لبنان ويرسل قذائفه لضرب المفاعل الذري في العراق، ويتحدث رؤساؤه عن أمن إسرائيل الذي يمتد من باكستان إلى المغرب وعن إعادة رسم حدود العالم العربي بما يتفق والمخطط الصهيوني ويقوم أبناؤه بكسر عظام المنتفضين.
كما أن هذا المواطن الإسرائيل عضو الكيبوتس، قرأ الكثير من الحقائق عن الإرهاب الصهيوني، ورأي بنفسه على شاشة التليفزيون ومن خلال وسائل الإعلام الأخرى، المذابح الصهيونية في صبرا وشاتيلا وقانا، وهي مذابح يصعب وصفها بأنها دفاعية.
كما أن المجتمع الصهيوني بادعاءاته الديموقراطية عن نفسه يسمح بإدارة كثير من المناقشات العلنية عن الحرب وأسبابها، وهو أمر يولِّد شكوكاً عديدة في نفس المستوطن الصهيوني.
وأخيراً لا يمكن أن ننسى عاملاً أساسياً وهو أن هذا المستوطن الصهيوني في حالة حرب دائمة مع العرب منذ عام ١٨٨٢، العام الذي وطئت فيه أقدام أجداده من المستوطنين أرض فلسطين، وهي حرب لم يخمد لها أوار، بل ازدادت اشتعالاً، رغم أنه وقَّع عدة «معاهدات سلام» .
لكل هذا نجد أن ثمة تصدعات في جدار الكيبوتسات العسكري الصارم، وأنها لم تَعُد معمل تفريخ الجندي الصهيوني كما كانت من قبل.