[الباب الحادى عشر: المفكرون من أعضاء الجماعات اليهودية]
الفكر اليهودي والمفكرون اليهود
Jewish Thought and Jewish Thinkers
تُطلَق عبارة «فكر يهودي» أحياناً على الكتابات التي يكتبها مفكرون من أعضاء الجماعات اليهودية ( «المفكرون اليهود» في المصطلح الشائع) ، وكأن هناك عناصر يهودية متكررة تربط بين كتابات هؤلاء المفكرين وتضفي عليها درجة من الوحدة. ويمكننا أن نسأل: ما الوحدة التي تربط كتابات يوسيفوس فلافيوس ويهودا اللاوي وإسحق لابيرير ويعقوب صنوع ومراد فرج وألبير ميمه، حتى يمكن تصنيف فكرهم على أنه يهودي؟ فإسحق لابيرير وألبير ميمه فَقَدَا الإيمان الديني، ومراد فرج يهودي قرّائي ويوسيفوس يهودي متأغرق، أما يهودا اللاوي فهو من اليهود المستعربة، وتأثرت عقيدة كلٌّ منهم بمحيطه الحضاري.
ومن ناحية الانتماء الحضاري ولغة الكتابة والتقاليد الفكرية، فإن يوسيفوس جزء من التراث الهيليني، ويهودا اللاوي جزء من التراث العربي الإسلامي القديم، على عكس يعقوب صنوع ومراد فرج فهما جزء من التراث العربي الإسلامي في مصر. وكل مؤلف من هؤلاء يكتب بلغة مختلفة تماماً عن لغة الآخر. وتتنوع القضايا التي يتعامل معها هؤلاء المفكرون والكُتَّاب بتنوع لغاتهم وحضارتهم، وإن بقيت عناصر مشتركة فلن تكون لها قيمة تفسيرية أو تصنيفية كبيرة. ولذا، قد يكون من الأفضل الحديث عن مفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية بسبب المقدرة التصنيفية والتفسيرية العالية لهذا التعبير، فهو يؤكد عدم التجانس والتنوع، ويمكن داخل هذا الإطار أن نشير إلى المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب باعتبار أن لهم بعض السمات المشتركة التي يكتسبونها من داخل التشكيل الحضاري الغربي لا رغماً عنه أو من خارجه.