وقد عُقد أول مؤتمر للإسبرانتو في فرنسا عام ١٩٠٥، ثم عُقدت عدة مؤتمرات حتى بداية الحرب العالمية الأولى. ومع أنه هناك عدة محاولات أخرى لتطوير لغات عالمية، فإن الإسبرانتو لا تزال هي أشهر هذه اللغات. ويبدو أن زامنهوف كان يدور في إطار فكر عصر الاستنارة الذي يُعادي كل الخصوصيات حتى يظهر الإنسان الطبيعي، ومن ثم فقد طوَّر لغة طبيعية عالمية علمانية محايدة تقترب من حالة الجبر والهندسة، معقمة من التاريخ والزمان والإنسانية. ولذا فهي لغة طبيعية وُلدت ميتة، وقد لاحظ دارسو الإسبرانتو أنها تصلح للتعبير عن الحاجات المادية (الطبيعية) للإنسان (مثل طلب الطعام والشراب) إلا أنها لا تصلح للتعبير عن أية قضايا إنسانية مركبة (تلك القضايا التي يتعامل معها الدين والفلسفة) . ومن الطريف أن زامنهوف حاول تطوير ديانة عالمية طبيعية محايدة (مثل الإسبرانتو) سماها الهليلية (نسبة إلى الحاخام هليل الذي كان يدَّعي زامنهوف أنه من نسله) . ولا شك في أنه كان يهدف من مساعيه العالمية هذه أن يتوصل إلى بنىًّ فكرية وفلسفية لا تتمتع بأية خصوصية قومية أو دينية وتقضي على أي تطلُّع إنساني أو ديني.