[الباب الرابع عشر: المملكة الجنوبية والمملكة الشمالية]
المملكة الجنوبية (يهودا)
Southern Kingdom Judah
بعد موت سليمان عام ٩٢٨ ق. م وانقسام اتحاد القبائل العبرانية (المملكة العبرانية المتحدة) إلى مملكتين، سُمِّيت المملكة الجنوبية «يهودا» لأنها ضمت قبيلتي يهودا (التي كانت دائماً في علاقة واهية مع بقية العبرانيين) وبنيامين، وهما القبيلتان اللتان بايعتا رُحبعام بن سليمان ملكاً، في حين بايعت القبائل العشر الباقية يُربْعام ملكاً على الجزء الشمالي الذي سُمِّي باسم «مملكة يسرائيل» أو «المملكة الشمالية» . كانت القدس عاصمة مملكة يهودا التي تقع على البحر الميت. ولم يكن لهذه المملكة ساحل على البحر الأبيض، إذ كان الفلستيون يشغلون الجزء الجنوبي من الشريط الساحلي (غزة وأشدود والمجدل ويافا والمنطقة التي تقع فيها الآن مدينة تل أبيب) . وقد كانت المملكة الجنوبية أكثر استقراراً من الشمالية، وذلك نظراً لصغر حجمها إذ بلغ ثُلث المملكة الشمالية، ولقلة أهميتها وبعدها عن طرق الجيوش الغازية، وفقرها وبدائية اقتصادها، وهذا ما جعلها بمنأى عن الاضطرابات الداخلية والغزوات الخارجية التي قضت على المملكة الشمالية. ولكل هذا أيضاً، قُدِّر لها البقاء مدة أطول. ومع هذا، فقد ظهر في المملكة الجنوبية مُعظم الأنبياء ودُوِّن فيها معظم العهد القديم، كما احتفظت فيها ديانة يهوه بدرجة أكبر من النقاء، وإن كانت قد دخلت عليها عناصر وثنية بدأت منذ عهد سليمان حين تزوج وثنيات (حسب الرواية التوراتية) . وكانت المملكة الجنوبية، مثل الشمالية، خاضعة إما للنفوذ المصري أو للنفوذ الآشوري، كما أنها لم تكن قط مملكة قوية بل قضت معظم تاريخها في الدفاع عن نفسها أو في التحالف مع إحدى القوى العظمى أو في الاستفادة من الصراعات الناشئة بين القوى العظمى في المنطقة أو من الضعف المؤقت الذي كان يصيب بعضها أحياناً.