[الجزء الثاني: المفاهيم والعقائد الأساسية في اليهودية]
[الباب الأول: الإله]
التصور اليهودي للإله
Jewish Concept of God
توجد داخل اليهودية، من حيث هي تركيب جيولوجي تراكمي، طبقة توحيدية تدور حول الإيمان بالإله الواحد الذي لا جسد له ولا شبيه، الذي لا تدركه الأبصار وتعتمد عليه المخلوقات كافة ولا يعتمد هو على أيٍّ منها إذ هو يتجاوزها جميعاً ويسمو عليها. وكل مظاهر الطبيعة والتاريخ ليست إلا تعبيراً عن قدرته، فهو روح الكون غير المنظورة، السارية فيه، والتي تُمد الكون بالحياة؛ وتسمو عليه وتلازمه في آن واحد. وقد وصل التوحيد في اليهودية إلى ذروته على يد بعض الأنبياء الذين خلَّصوا التصور اليهودي للإله من الشوائب الوثنية الحلولية التي علقت به، فصار أكثر إنسانية وشمولاً وسمواً، وأقل عزلة وقومية وتعالياً.
وقد استمر التيار التوحيدي في مختلف فترات تاريخ اليهودية. وتتضمن الصلوات اليهودية دعاء الشماع، أي شهادة التوحيد اليهودية وقصائد مثل «آني مأمِّين»(إني مؤمن) و «يجدال»(تنزَّه الرب) التي تؤكد فكرة التوحيد. وقد سار الكثير من اليهود إلى حتفهم في العصور الوسطى في الغرب دفاعاً عن وحدانية الإله وتأكيداً لها.
ولكن اليهودية، كتركيب جيولوجي، تراكمت داخلها طبقات أخرى، وما التوحيد سوى طبقة واحدة ضمن طبقات مختلفة. فالعهد القديم، كما يتضح في مصادره المتعددة، يطرح رؤى متناقضة للإله تتضمن درجات مختلفة من الحلول بعضها أبعد ما يكون عن التوحيد.