تميل معظم الدراسات التي تتناول أعضاء الجماعات اليهودية إلى النظر إليهم باعتبارهم كياناً واحداً متجانساً مستقلاً، له آلياته وحركياته وأنماط تطوره الخاصة به والمقصورة عليه، والتي يمكن فهمها من خلال إدراك ما يُسمَّى «الخصوصية اليهودية» ومن خلال دراسة ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» . ولكننا نرى أن كثيراً من جوانب حياة أعضاء الجماعات اليهودية لا يمكن تفسيرها إلا من خلال دراسة سياقهم التاريخي والإنساني العام، ومقارنتهم بأعضاء الأقليات (الدينية والإثنية) الأخرى.
أي أنه لفهم أعضاء الجماعات اليهودية، لابد من العودة إلى أُطر ومرجعيات إنسانية عامة. ونحن نذهب إلى أن خصوصية الجماعات اليهودية هي، في واقع الأمر، خصوصيات مستمدة من المجتمعات التي تعيش أعضاء هذه الجماعات بينها، ومن ثم فهي لا تختلف عن الخصوصيات التي يتسم بها أعضاء الأقليات، كلٌّ حسب سياقه، وأنه لا توجد خصوصية يهودية (واحدة) أو جوهر يهودي أو عبقرية يهودية أو جريمة يهودية.
ولتوضيح هذا الجانب استخدمنا مجموعة من النماذج التفسيرية المتداخلة: الحلولية الكمونية ـ العلمانية (الشاملة) والإمبريالية ـ اليهودية والهوية اليهودية كتركيب أيديولوجي ـ الجماعات الوظيفية. وفي هذا المجلد من الموسوعة سنستخدم كل هذه النماذج مع التركيز على نموذج الجماعات الوظيفية.