بعد فترة من تسلل القبائل العبرانية في كنعان (١٢٥٠ ق. م تقريباً) ، بدأ طابعها الاقتصادي والاجتماعي في التحول تأثراً بالبيئة الكنعانية المحيطة، فظهرت الحرف المختلفة والملكية الخاصة للأرض وإقامة المدن، وذلك ليحل نمط جديد محل الاقتصاد البدائي والملكية الجمعية، أي أن المجتمع بدأ يتحول عن القبيلة والبداوة اللتين وسمتاه أثناء عصر القضاة (١٢٥٠ ـ ١٠٢٠ ق. م) ليصبح أكثر تركيباً نتيجة عناصر التحول داخله ونتيجة الاحتكاك بالمجتمعات الأخرى الأكثر تركيباً وتَحضُّراً. كما شهدت هذه الفترة ضغطاً عسكرياً عنيفاً على العبرانيين ورفضاً شديداً لهم من جانب الفلستيين والكنعانيين والمؤابيين والأدوميين، وقد واكب ذلك غياب القوى العظمى في منطقة الشرق الأدنى القديم بسبب ظروفها الداخلية. وقد ساهمت هذه الأوضاع الداخلية والخارجية في أن نظام القضاة أصبح نظاماً بالياً غير قادر على التعبير عن الأوضاع الجديدة، وأصبح نظام الملكية أمراً حتمياً للتعبير عن البنية الجديدة للمجتمع. وتعبر القصة التوراتية عن ذلك حيث طلب الشعب إلى صموئيل أن يجعل لهم ملكاً مثل الشعوب الأخرى المتحضرة المحيطة بهم. فتوَّج عليهم شاؤول، ثم داود (١٠٠٤ ـ ٩٦٥ ق. م) الذي وحَّد القبائل العبرانية فيما يُسمَّى «المملكة العبرانية المتحدة» . وقد خلفه ابنه سليمان، ثم انقسمت المملكة إلى مملكتين (٩٢٨ ق. م) : المملكة الشمالية والمملكة الجنوبية اللتين حكمتهما سلسلة من الملوك.
ولم تكن مؤسسة الملكية العبرانية تختلف كثيراً عن مؤسسة الملكية المقدَّسة التي شاعت في الشرق الأدنى القديم، حيث يُعتبَر الملك نقطة الحلول الإلهي ومن خلاله يتم التواصل بين مملكة الأرض ومملكة السماء. ولذا، كان الملك هو أيضاً الكاهن الأعظم أو أعلى في المرتبة.