[الباب الثانى: إحلالية الاستعمار الاستيطاني الصهيوني]
إحلالية الاستعمار الاستيطاني الصهيوني
Depopulation as a Structural Trait of Zionist Settler Colonialism
كلمة «إحلال» من فعل «أحلَّ» ، والاستعمار الاستيطاني الإحلالي يُطلَق على هذا النوع من الاستعمار حين يقوم العنصر السكاني الوافد (عادةً الأبيض) بالتخلص من السكان الأصليين إما عن طريق الطرد أو عن طريق الإبادة حتى يُفرغ الأرض منهم ويحل هو محلهم. وفي أمريكا اللاتينية، كان هدف الاستعمار الاستيطاني هو استغلال كلٍّ من الأرض وسكانها عن طريق إنشاء المزارع الكبيرة التي يقوم السكان الأصليون بزراعتها لتحقيق فائض القيمة من خلالهم، ولذا لم يُطرَد السكان الأصليون. أما في الولايات المتحدة، فقد كان المستوطنون البيوريتان يبغون الحصول على الأرض فقط لإنشاء مجتمع جديد، فكان طرد أو إبادة السكان الأصليين وإحلال عنصر جديد محل العنصر القديم أمراً لا مفر منه. وكانت جنوب أفريقيا، حتى عهد قريب، من هذا النوع الإحلالي، فنجد أن المستوطنين البيض استولوا على خير أراضيها وطردوا السكان الأصليين منها. ولكن، بمرور الزمن، طرأت تغيرات بنيوية على الدولة الاستيطانية في جنوب أفريقيا، وأصبح تحقيق فائض القيمة واستغلال السكان الأصليين أحد الأهداف السياسية. ولذا، كان يوجد في جنوب أفريقيا استعمار استيطاني يقوم بتجميع السود في أماكن عمل ومدن مستقلة (بانتوستان) تقع خارج حدود المناطق والمدن البيضاء، ولكنها تقع بالقرب منها حتى يتسنى للعمال السود الهجرة اليومية داخل المناطق البيضاء للعمل فيها.
والأمر بالنسبة لإسرائيل لا يختلف كثيراً عنه في جنوب أفريقيا إذ أن الهدف من الصهيونية هو إنشاء دولة وظيفية قتالية تستوعب الفائض البشري اليهودي وتقوم بحماية المصالح الغربية. وحتى تحتفظ هذه الدولة بكفاءتها القتالية، لابد أن تظل هذه الدولة بمعزل عن الجماهير (العربية) التي ستحارب ضدها، ولذا كان طرد العرب من نطاق الدولة الصهيونية ضرورياً حتى تظل يهودية خالصة، فكأن يهودية الدولة مرتبطة بوظيفتها القتالية ووظيفتها مرتبطة بإحلاليتها.