وهذا التوافق والإدراك المتبادل لوحدة المصير أدَّى إلى خلق درجة كبيرة من الاعتماد المتبادل بين الدولتين في عدة مجالات. ففي المجال التجاري كانت العلاقات بين الجيبين الاستيطانيين من القوة بحيث نجد أن جنوب أفريقيا ـ قبل زوال النظام العنصري ـ كانت شريكة إسرائيل الأولى في التجارة. ولم يكن التعاون العسكري بين الدولتين أقل قوة، فقد أرسلت الدولة الصهيونية متطوعين إسرائيليين ليحاربوا جنباً إلى جنب مع قوات جنوب أفريقيا في حربها ضد قوى التحرر الوطني. وشاركت جنوب أفريقيا بدورها في إمداد إسرائيل بالسلاح في حرب إسرائيل ضد العرب. ويُعدُّ التعاون في مجال صناعة الأسلحة من أهم أشكال التعاون، وكانت الدولتان تحاولان تنسيق جهودهما لتحقيق الاستقلال في مجال إنتاج المعدات العسكرية وفي مجال السلاح النووي.
ومع بداية التسعينيات تمت تصفية كل الجيوب الاستيطانية في أنحاء العالم. ولم يتبق غير إسرائيل وجنوب أفريقيا: الأولى تقبع على بوابة أفريقيا (تفصل بينها وبين آسيا) ، والثانية تقبع في أطرافها. فكأنهما كانا يُشكلان ما يشبه الكماشة التي تطبق على أفريقيا. وبزوال الجيب الاستيطاني في جنوب أفريقيا، لم يبق سوى إسرائيل، الحفرية الأخيرة في نظام قضي وانتهى.