[الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر]
أوكرانيا
Ukraine....
كلمة «أوكرانيا» تعني «منطقة الحدود» . وتُعَدُّ منطقة أوكرانيا من أهم المناطق المرتبطة بتجربة الجماعات اليهودية في شرق أوربا (أي يهود اليديشية) ومن أهم مسارح الأحداث التي تحدَّد فيها مصيرهم، ويُطلَق على أوكرانيا أحياناً اسم «روسيا الصغرى» . وكان يهود أوكرانيا يشكلون واحدة من أكبر الجماعات اليهودية على الإطلاق حتى منتصف القرن العشرين. ثم أصبحت كلمة «أوكرانيا» تشير إلى الجمهورية السوفيتية التي كانت تحمل هذا الاسم والتي أصبحت في الآونة الأخيرة دولة ضمن كومنولث الدول المستقلة، وحدودها مختلفة عن حدود أوكرانيا القديمة (روثينيا) التي كانت تابعة لبولندا وليتوانيا، والتي قُسِّمت بعد ذلك بين روسيا وبولندا عام ١٦٦٧. ثم استولى الروس عليها بأسرها عام ١٧٩٣.
ويعود استقرار اليهود في أوكرانيا إلى القرن التاسع، وذلك مع انتشار وتوسيع إمبراطورية الخزر. لكن الاستيطان على نطاق واسع تم في منتصف القرن السادس عشر، مع بدايات الإقطاع الاستيطاني البولندي فيها. ذلك أن النبلاء البولنديين كانوا يريدون تطوير هذه المنطقة اقتصادياً بعد ضمها إلى اتحاد بولندا وليتوانيا فقاموا بتوطين عناصر يهودية تجارية تقوم باستئجار المزارع نظير مبلغ محدد فيما يُسمَّى «نظام الأرندا» . وقد تسبَّب هذا في تحوُّل اليهود إلى جماعة وظيفية تجارية وسيطة تعتصر الفلاحين والأقنان لصالح النبلاء الغائبين الذين كانوا يقومون بدورهم باعتصار اليهود. وقد كان التقسيم الطبقي في أوكرانيا يدعمه تقسيم إثنى وديني يزيده حدة واستقطاباً. فالفلاحون أوكرانيون أرثوذكس يتحدثون الأوكرانية، والنبلاء بولنديون كاثوليك يتحدثون البولندية، والوسطاء يهود يتحدثون اليديشية. وقد بلغ عدد اليهود في أوكرانيا، مع نهاية القرن السادس عشر، ٤٥ ألف يهودي من مجموع ١٠٠ ألف يهودي في بولندا، زاد عددهم قبل هجمات شميلنكي إلى ١٥٠ ألفاً.