Capitalism and the Jewish Communities: Introduction
يمكن القول، بشكل عام، بأن يهود العالمين العربي والإسلامي لم يلعبوا دوراً اقتصادياً متميِّزاً، ولم يضطلعوا بوظائف اقتصادية خاصة مقصورة عليهم دون بقية أعضاء المجتمع، ومن ثم فإنهم لم يلعبوا دوراً خاصاً أو متميِّزاً في نشأة الرأسمالية أو في المشروعات الرأسمالية الحرة في العالم العربي أو الإسلامي، وخصوصاً أن الرأسمالية لم تنبع من داخل البلاد العربية والإسلامية وإنما وفدت من أوربا، وبخاصة مع الجيوش الاستعمارية. كما يُلاحَظ أن البلاد العربية والإسلامية التي أسست نظاماً اقتصادياً يتبع نموذج الاقتصاد الحر، مثل تركيا ودول الخليج ولبنان، لم يكن فيها جماعات يهودية كبيرة. وحتى حين وُجدت جماعات يهودية كبيرة نسبياً في بعض البلاد، كما هو الحال في المغرب، فإنها لم تساهم بشكل خاص في التاريخ الاقتصادي لهذه البلاد. لكن هذا التعميم لا ينفي، بطبيعة الحال، وجود أي شكل من أشكال التمايز بين الجماعة اليهودية والأغلبية، فهذا ضد طبيعة الأشياء. فالأقليات الدينية والإثنية والعرْقية لعبت دائماً وأبداً دوراً متميِّزاً في المجتمعات التقليدية؛ إذ كانت قطاعات منها تتحول إلى جماعات وظيفية، وجماعات وظيفية وسيطة على وجه التحديد. وكان تقسيم العمل يتم أحياناً في هذه المجتمعات التقليدية حسب الأوضاع الإثنية والدينية. ولا يشكل أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي استثناءً من القاعدة، لكن درجة تميُّزهم الاقتصادي لم تكن حادة، كما أنهم لم يكونوا قط الأقلية الوحيدة التي تلعب دوراً اقتصادياً متميِّزاً. ومن ناحية أخرى، كان كثير من الحرف والوظائف التي كان يشتغل بها أعضاء الجماعة اليهودية غير مقصورة عليهم بل كان يشتغل بها المسلمون والمسيحيون.