وبقية مداخل هذا المجلد هو محاولة توضيح الإطار النظري الذي تنطلق منه الموسوعة فيتناول الجزء الأول الأساس الفلسفي، فنتناول المفردات الأساسية التي نستخدمها انطلاقاً من نموذجنا التحليلي، وما نسميه «إشكالية الإنساني والطبيعي والموضوعي والذاتي» . أما الجزء الثاني فيتناول النموذج كأداة تحليلية. وتتناول بقية الأجزاء (الثاني والثالث والرابع) النماذج الأساسية الثلاثة المستخدمة في الموسوعة: الحلولية ـ العلمانية الشاملة ـ الجماعات الوظيفية. وبقية مجلدات الموسوعة هي محاولة لتطبيق هذا الإطار النظري على حالة محددة هي حالة اليهود واليهودية والصهيونية وإسرائيل.
[الباب الثانى: مفردات]
المرجعية النهائية، المتجاوزة والكامنة
كلمة «مرجع» من «رجع» بمعنى «عاد» . يُقال «رجع فلان من سفره» أي «عاد منه» ، و «المرجع» هو «محل الرجوع» وهو «الأصل» . وفي التنزيل العزيز "إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون"(المائدة ١٠٥) . ومن هنا كلمة «مرجعية» التي تعني الفكرة الجوهرية التي تشكل أساس كل الأفكار في نموذج معين والركيزة النهائية الثابتة له التي لا يمكن أن تقوم رؤية العالم دونها (فهي ميتافيزيقا النموذج) . والمبدأ الواحد الذي تُردّ إليه كل الأشياء وتُنسَب إليه ولا يُردّ هو أو يُنسَب إليها. ومن هنا، يمكن القول بأن المرجعية هي المطلق المكتفي بذاته الذي يتجاوز كل الأفراد والأشياء والظواهر وهو الذي يمنح العالم تماسكه ونظامه ومعناه ويحدد حلاله وحرامه. وعادةً ما نتحدث عن المرجعية النهائية باعتبار أنها أعلى مستويات التجريد، تتجاوز كل شيء ولا يتجاوزها شيء. ويمكننا الحديث عن مرجعيتين: مرجعية نهائية متجاوزة ومرجعية نهائية كامنة.