وتُعتبَر الأزمة التي تعتمل داخل الدولة الصهيونية، وفي صفوف الجماعات اليهودية في العالم، نتيجةً لمحاولة تَبنِّي التعريف الديني أو التعريف اللاديني الصهيوني للهوية، أمراً طبيعياً ومتوقعاً. فهذا التعريف لا يأخذ في الاعتبار تموجات التاريخ وتعرجاته ولا ينبع منها، ويتجاهل التركيب الجيولوجي للعقائد والجماعات اليهودية، كما أنه مجرد تعريف عقائدي يفرض نفسه فرضاً على واقع متنوع. فهو يفترض وجود هوية يهودية واحدة رغم وجود هويات يهودية عديدة متنوعة أهمها «الهوية اليهودية الجديدة» التي تُهمِّش العنصر اليهودي. والتعريف الصهيوني يرى أن اليهود شعب واحد له تاريخ واحد، وهم في واقع الأمر جماعات منتشرة لها تجارب تاريخية متنوعة ذات انتماءات قومية وإثنية وطبقية ودينية متعددة. كما أن أعضاء هذه الجماعات، حين يستوطنون فلسطين المحتلة، يحملون معهم انتماءاتهم وتجاربهم التاريخية، شاءوا أم أبوا. وحينما يتبنون تعريفاً صهيونياً لهويتهم، تنفجر الأزمة إذ تكتشف أغلبيتهم العظمى أنهم ليسوا يهوداً أو أن يهوديتهم مشكوك فيها بل ومرفوضة، كما حدث ليهود بني إسرائيل والفلاشاه، وكما سيحدث ليهود الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لو تم تعديل قانون العودة.
[الباب الرابع: اليهود والجماعات اليهودية]
اليهود: مشكلة التعريف
The Jews: The Problem of Definition
كلمة «يهودي» هي من أكثر الدوال إشكالية رغم بساطتها، فكلمة «يهودي» يمكن أن تُستخدَم للإشارة إلى العبرانيين القدامى باعتبارهم جماعة عرْقية أو إثنية (قوم) أو باعتبارهم جماعة دينية (شعب مختار) . ثم تُستخدَم الكلمة للإشارة إلى اليهود الحاخاميين والقرّائين والسامريين ويهود الصين وإثيوبيا.