للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع أنني وصلت إلى ما توصلَّت إليه من نتائج لا من خلال عملية رصد خارجية لأحداث لا معنى لها تتم على مساحة، وإنما من خلال مراقبتي لبشر لهم رؤية محدَّدة تحدِّد استجابتهم وتوقعاتهم وبالتالي سلوكهم. فالصهيوني الذي يحاول أن يرفع مستوى معيشة العرب، حتى ينسوا الوطن والهوية، هو نفسه الذي يودُّ أن يتمتع بحمام السباحة في المستوطنة والذي يصر على مستويات عالية من الراحة والمتعة. والعربي الذي يرفض الانصياع للرؤية البرجماتية التي تودُّ تطبيعه وتدجينه هو نفسه القادر على أن يدرك التآكل الداخلي للمستوطنين وتحولهم إلى شخصيات شرهة مستهلكة غير منتجة. من هنا الحجر الذي قد لا يَقتُل ولكنه يُعكر صفو المستوطنين ويُسقط معنى حياتهم. ومن هنا كانت الانتفاضة.

وتهدف هذه الموسوعة إلى تحسين المقدرة التنبؤية عند العرب عن طريق صياغة نماذج تفسيرية مركبة تتسم بقدر معقول من العمومية والخصوصية.

[الباب الثانى: أنواع النماذج]

أنواع النماذج: مقدمة

ليست كل النماذج نوعاً واحداً. ويمكننا تصنيف النماذج على عدة أسس:

١ ـ يمكن تصنيف النماذج على أساس مدى الكمون أو الظهور (الوعي أو عدم الوعي) :

- أهم أنواع النماذج الواعية هو ما نسميه «النموذج التحليلي» . ويتسم هذا النموذج بأن من يستخدمه واع به تمام الوعي إذ يقوم الباحث بصياغة النموذج بشكل واع لرصد وتحليل الظواهر. ومثل هذا النموذج عادةً ما يتسم بقدر عال من التكامل والاتساق المنطقي الداخلي. وعادةً ما يحاول الباحث صاحب النموذج أن يوضح للمتلقي مسلماته الكلية الكامنة. لكن وعي صاحب النموذج التحليلي بنموذجه لا يعني أنه قد نفض تحيزاته عن نفسه تماماً، فهو ولا شك يخضع لنفوذ النموذج الإدراكي الذي ورثه عن مجتمعه وبيئته. ويمكن أحياناً أن يكون النموذج التحليلي هو نفسه النموذج الإدراكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>