ثمة علاقة وثيقة بين البروتستانتية من جهة والعقيدة اليهودية والجماعات اليهودية من جهة أخرى. ولعل من أكثر العناصر أهمية شكل الحلول في كل من البروتستانتية واليهودية. فبدلاً من الحلول الفردي المؤقت المنتهي (في شخص المسيح أو في الكنيسة، جسد المسيح) نجد أن الحلول يكون في الشعب أو الجماعة، وهو حلول مستمر تنجم عنه حلولية ثنائية صلبة. ويمكن، انطلاقاً من هذا، عقد مقارنة بين العقيدتين لنكتشف بعض نقاط التشابه بينهما (وبإمكان القارئ أن يعود للقسم المعنون «الرأسمالية والجماعات اليهودية» حيث تعرضنا لبعض نقاط الاختلاف والاتفاق) . وقد خلق هذا التشابه تربة مواتية في أوربا لتقبُّل اليهودية، وهي تربة لم تكن موجودة في أوربا الكاثوليكية.
وإلى جانب هذا، نجد أن النزعة الأصولية التبسيطية الاختزالية في البروتستانتية جعلت الإصلاحيين يفضلون المبادئ اليهودية البسيطة التي يستطيع القوم فهمها على تعقيدات اللاهوت الكاثوليكي. وقد أكدت البروتستانتية الجانب العبراني في المسيحية على حساب ما وسمته بأنه الجانب الهيليني أو الوثني، وهو ما خلق تعاطفاً مع اليهود ومع الثقافة الدينية اليهودية، خصوصاً أن الكتاب المقدَّس أصبح أكثر الآثار الأدبية شيوعاً، فبدأ الاهتمام باللغة العبرية والتلمود والقبَّالاه.