وكان لأعضاء الجماعات اليهودية وجود ملحوظ في القطاع الصناعي الهزيل، فقد كان عدد الشركات الصناعية يزيد قليلاً على ٦٢٥ وكان اليهود يمتلكون ١٩.٥% منها. وقد تركزوا في بعض الصناعات دون غيرها، فقد كانوا يمتلكون نحو ٥٢.٨% من صناعة الخشب والأثاث و٣٢.٤% من صناعة الملابس و٢٦.٥% من صناعة النسيج.
وكان التوزيع الوظيفي لأعضاء الجماعات اليهودية على النحو التالي: ٤٢.٥% في الصناعة والحرف، و٣٧.٩% في التجارة والبنوك، و٢.٥% في الزراعة، و٣.٢% في المهن الحرة، و١٣.٧% في الوظائف الأخرى. وكان ٣٨% من جملة الأطباء في رومانيا يهوداً.
ورغم غياب أعضاء الجماعات اليهودية عن الريف، فقد لعبوا دوراً ملحوظاً في اقتصادياته حيث احتكروا صناعة تقطير الكحول والاتجار فيه، وكانوا أصحاب حانات وفنادق، كما كانوا يشترون من الفلاح محاصيله وقطعان الحيوانات التي يربيها ويزودونه بالبذور والسلع المصنوعة التي يريدها، وكانوا يقرضونه ما يحتاج إليه من نقود. وقد أصبح الفلاحون تابعين للتجار اليهود من المهد إلى اللحد، ويُقال إن نصف الأراضى الزراعية في مولدافيا وقعت في أيدي اليهود من خلال استئجارها ومن خلال القروض التي لم يستطع أصحابها الوفاء بها. وقد كان اليهود كما أسلفنا عنصراً غريباً يعيش في الشتتلات لأن مفهوم المواطنة نفسه لم يكن قد استقر بعد.
وكان التركيب الاجتماعي ليهود رومانيا لا يختلف عن نظيره في بقية شرق أوربا، فقد كان على قمة الهرم الاجتماعي طبقة صغيرة من التجار الأثرياء وعدد قليل من المهنيين، ثم كان هناك عدد كبير من أصحاب الفنادق وصغار التجار والحرفيين يتركزون في حرف معينة مرتبطة في الغالب بالنشاطات المالية اليهودية الأخرى. وفي قاعدة الهرم، كان يوجد عدد ضخم من الفقراء الذين لا عمل لهم. ورغم وجود هذا العدد من محدودي الدخل والفقراء بين اليهود، فإن الشريحة الثرية المهيمنة هي التي كانت تحدد إدراك المجتمع للجماعة.