كان اقتصاد إنجلترا عشية الغزو النورماندي عام ١٠٦٦ بسيطاً جداً، مبنياً على المقايضة وحسب. وكان وليام الأول، أو الفاتح، يود أن يحصل على ريعه من الأرض التي فتحها نقداً، ولذا قرر إدخال عنصر رأسمالي تجاري مالي. ووجد ضالته في أعضاء الجماعات اليهودية بسبب فائدتهم ونفعهم، وخصوصاً في تشجيع تداول العملات. ومن ثم شجع اليهود (كجماعة وظيفية استيطانية نافعة) على الاستقرار ليقوموا بدور الوسيط التجاري في هذه المنطقة الجديدة، وبدور محصلي أموال التاج. فاستوطن اليهود في إنجلترا وأسسوا جماعات في لندن وبريستول وكانتربري، ووُضعوا تحت حماية التاج ليعملوا في التجارة والربا، وإن كان قد تم استبعادهم عن نقابات الحرفيين، أي أنهم أصبحوا جماعة وظيفية وسيطة في المجتمع الإقطاعي. ويُلاحَظ أن يهود إنجلترا لم يكونوا إنجليزيين، إذ كانوا جزءاً من الثقافة الألمانية والفرنسية المجاورة، وكانوا يتحدثون الفرنسية فيما بينهم ويتسمون بأسماء فرنسية. وهذه العزلة الإثنية سمة أساسية للجماعة الوظيفية الوسيطة.