ويُعدُّ الجديد في الحكمة أحد أهم المؤلفات الفلسفية (ذات الطابع الديني) في القرن السابع الهجري. ومع أن مؤلفه يهودي الديانة، إلا أن الكتاب يحمل طابع الثقافة الإسلامية الأصيل آنذاك؛ فهو مكتوب بلغة عربية فصيحة، ويعالج القضايا نفسها التي عالجها المسلمون آنذاك، مستخدماً مصطلحاتهم وتقسيمهم للقضايا. بل يعكس ابن كمونة، بقوة، طابع الثقافة الإسلامية التي كان المسلمون يبدأون بها مؤلفاتهم؛ يقول ابن كمونة بعد البسملة: أحمد الله تعالى حمداً يُقرِّب إلى جنابه الكريم، ويُوجب المزيد من فضله وإحسانه؛ وأستغفره استغفاراً يؤمِّن من عقابه الأليم، ويُخلِّد في الفردوس الأعلى من جنانه؛ وأسأله الهداية إلى صراطه المستقيم، بإلهام الحق وإنارة برهانه [لاحظ السجع التبادلي المُركَّب بين العبارات] . وبعد، فقد اتفق أرباب العقائد العقلية، والديانات النقلية، على أن الإيمان بالله، واليوم الآخر، وعمل الصالحات؛ هو غاية الكمالات الإنسانية ... إلخ.
ولا يحمل الجديد في الحكمة أي جديد مخالف لما قرره العلماء المسلمون السابقون على ابن كمونة، وبخاصة متكلمو المعتزلة والأشاعرة، فهو يكاد يلخص أقوالهم، أو بالأحرى: ينتقي من أقوالهم أشهرها. ومهما فتَّشنا في هذا الكتاب، فلن نجد دليلاً واحداً ـ ظاهراً أو مستتراً ـ على يهودية مؤلّفه ابن كمونة؛ حتى أنه لم يفعل كسلفه موسى بن ميمون الذي كان ينثر في كتابه دلالة الحائرين بعض آيات التوراة بين آراء متكلمي المسلمين، ليُضفي طابعاً يهودياً مُصطَنعاً على ثقافته العربية الإسلامية.
وقد كتب ابن كمونة كذلك كتيباً عن الفرق بين اليهود الحاخاميين والقرّائين. ولا تشير المصادر اليهودية إلى ابن كمونة.