وقد شغل عرش يهودا تسعة عشر ملكاً (راجع الجداول التاريخية في المجلد الأول) . غير أن هذه المملكة الجنوبية دامت نحو قرن وثُلث بعد زوال المملكة الشمالية. وأول ملوكها رُحْبعام بن سليمان من زوجته العمونية الذي حكم من ٩٢٨ إلى ٩١١ ق. م. وقد غزا شيشنق فرعون مصر الليبي مملكته عام ٩١٨ ق. م (مثلما غزا مملكة الفلستيين وأدوم) وحمل معه كنوز الهيكل والقصر غنائم. ويذكر شيشنق في قائمة الكرنك مائة وخمسين مكاناً استولى عليها. ويبدو أن شيشنق قام أثناء حملة تأديب يهودا بغزو المملكة الشمالية كذلك. واعتلى الملك إبيام (٩١١ ـ ٩٠٨ ق. م) العرش ودخل في حرب طويلة مع يُربعام ملك المملكة الشمالية وهزمه. وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه انتصر، فقد كان على اتصال بآرام دمشق التي زادت قوتها بعد أن استقلت عن سليمان وأبرمت معه معاهدة ضد يُربْعام. ومنذ هذه اللحظة، أصبحت آرام دمشق عنصراً أساسياً في العلاقة بين المملكتين والمستفيد الأكبر من الصراع بينهما. واستمر آسا (٩٠٨ ـ ٨٦٧ ق. م) في هذه الحرب من بعده، ولكنه اضطر هو أيضاً إلى طلب العون من آرام دمشق لكي يوقف الغزو الشمالي لمملكته، وقام بتحصين المدن على الحدود بين المملكتين، وهذا ينهض دليلاً على أن الأمل الذي راود حكام المملكة الجنوبية باستعادة المملكة الشمالية وإعادة المملكة المتحدة كان قد انتهى. وقد جدد آسا العلاقات التجارية مع صور والمدن الفلستية الأمر الذي أدَّى إلى دخول العبادات الوثنية، ولكن يبدو مع هذا أن آسا قد بذل قصارى جهده للحفاظ على استقلاله السياسي وعلى نقاء عبادة يهوه.