أما مسألة الأنف المعقوف، كصفة مميِّزة لليهودي في المخيلة الشعبية، فهي أسطورة أخرى. فلقد أثبتت الدراسات الأنثروبولوجية أن هذه الصفة غير موجودة إطلاقاً بين أنقى عنصر سامي وهم البدو، ولكنها صفة غالبة بين القبائل القوقازية المختلفة، وكذلك في آسيا الصغرى، وتشمل العناصر المحلية في المنطقة مثل الأرمن والجورجيين. ونجده بين شعوب البحر المتوسط أكثر مما نجده بين يهود أوربا الشرقية، ويَكثُر انتشارها بين الهنود الحمر في أمريكا الشمالية!
ومن أهم المقاييس الأنثروبولوجية، لتحديد الانتماء العرْقي، شكل الرأس. وقد بيَّن الدكتور جمال حمدان في كتابه اليهود أنثروبولوجياً أن من بين المجموعات الرئيسية الثلاث (الإشكناز والسفارد والشرقيين) يقع الإشكناز بين عراض الرؤوس وأحياناً عراض الرؤوس جداً، هكذا هم في كل أوربا والعالم الجديد ابتداءً من الفولجا حتى كاليفورنيا. ولكن الأهم من هذا أنهم يشبهون السكان المحيطين محلياً ويقتربون جداً من شكل ونسبة رأسهم، فمثلاً ليس ثمة فارق في شكل الرأس بين اليهود والمسيحيين في كل من روسيا وبولندا، بينما في منطقة القوقاز تتحول رؤوسهم لشكل «قمع السكر» الشهير عند الأرمن والقفقاز بل ونجده حتى بين يهود التركستان.
وكان من الشائع أن السفارد على النقيض من ذلك تماماً، أي أنهم طوال الرؤوس جميعاً. ولكن هذه المقابلة تبسيطية أكثر مما ينبغي، فرغم أن طول الرأس يَغلُب بين السفارد فإن منهم جماعات استعرَضَت رؤوسهم كما في شمال إيطاليا وربما كانت بينهم جماعات أخرى من سفارد البلقان. ويُلاحَظ أن السفارد يعيشون جملة بين شعوب طويلة الرأس كالبربر والعرب بحيث لا يمكن أن يغيِّر التزاوج شكل رؤوسهم بل على العكس يؤكده.