ويُفترَض أن ليهود الولايات المتحدة من أصل يديشي مناعة خاصة ضد الإصابة بالسل. وقد ذكرت بعض المراجع التاريخية أنه إبَّان تَفشِّي وباء الطاعون في أوربا في القرون الوسطى وما بعدها، كانت نسبة إصابة اليهود به أقل بكثير من نسبة إصابة الآخرين. والواضح أن المناعة النسبية ليهود الولايات المتحدة من أصل يديشي ضد السل يمكن فهمها في ضوء نموذج الانتقاء الثقافي، فمعظم هؤلاء من أصول فقيرة عاشت في مناطق فُرضت عليها العزلة، وبذلك تَفشَّى السل في أجدادهم، والناجون هم أولئك الذي استطاعوا اجتياز المرض واكتسبوا مناعة نسبية ورَّثوها للأجيال التالية التي هاجرت إلى الولايات المتحدة وارتقت في السلم الاجتماعي إلى مستوى الطبقة الوسطى. أما بالنسبة إلى وباء الطاعون، فقد استطاع كثير من يهود أوربا خلال العصور الوسطى تَجنُّب هذا المرض، مثلهم مثل سائر الأثرياء، لمقدرتهم على الابتعاد عن المناطق الموبوءة، وكذلك لنظافتهم والطبيعة الخاصة لطعامهم.
وفيما يختص بيهود المشرق، نجد أن نسبة الإصابة بأمراض نزف الدم (الهيموفيليا) تقل قياساً بغيرهم. ويمكننا في ضوء نموذج الانتقاء الثقافي أيضاً أن نرى انخفاض نسبة أمراض الدم بين اليهود الشرقيين، حيث أن اتباع تعاليم التلمود يخلق هذا النوع من الانتقائية. فقد ورد في التلمود فقرة تدعو إلى عدم ختان الطفل المولود لامرأة مات لها طفل من النزيف بعد ختانه، وإلى عدم تحبيذ زواج تلك المرأة من رجل من العائلة نفسها.
ومن المعروف أن ختان الذكور تقليد مصري اعتاد عليه اليهود وأخذوا معه جميع التعاليم المرتبطة به. وبذا، يمكننا أن نقول إن هذا أدَّى إلى عملية انتقائية خاصة تؤدي إلى عزل جيني معيَّن يقلل من الإصابة بهذا المرض.
٢ ـ أمراض تصيب أعضاء الجماعات اليهودية بنسبة لا تختلف عن أعضاء الأغلبية: