١٠ـ يُعبِّر الشعب العضوي عن إرادته من خلال الدولة القومية المطلقة التي تكون مرجعية ذاتها، ويُعبِّر عن هذه الإرادة في حالة النُظُم الشمولية من خلال إرادة الزعيم.
ويُميِّز بعض المؤرخين بين القومية العضوية من جهة والقومية الليبرالية (التعاقدية) من جهة أخرى. فإذا كان أعضاء القومية العضوية لا يختارون مسألة انتمائهم القومي بل يرثونه بشكل يكاد يكون بيولوجياً، فإن أعضاء القومية الليبرالية ـ حسب رأي هؤلاء المؤرخين ـ يختارون هذا الانتماء ويدخلون في تعاقد يمكن فكّه على الأقل من الناحية النظرية. ويُصنَّف الفكر القومي الألماني والسلافي بوصفه فكراً عضوياً يُبشر بقومية عضوية، وذلك على عكس النظريات القومية في كلٍّ من فرنسا وإنجلترا. ونحن نرى أن التمييز قد يفسر بعض نقط الاختلاف التي لا أهمية لها، ولكنه يُخبئ نقط تشابه ذات أهمية محورية. كما نذهب إلى أن الحضارة الغربية العلمانية العلمية ككل تدور في إطار عضوي وفي إطار المرجعية المادية الكامنة، فالنموذج يحوي مركزه داخله، وقد تَقلُّ درجة تَماسُكه واستبعاديته وحلوليته في حالة التشكيلين الحضاريين الفرنسي والإنجليزي (والقومية الفرنسية والإنجليزية) ، وقد تزيد هذه الدرجة في حالة التشكيلين الألماني والسلافي (الجامعة الألمانية والجامعة السلافية) وفي حالة الصهيونية. ولكن الإطار الذي يدور في إطاره الجميع هو المرجعية المادية الكامنة والحلولية العضوية، فتصبح الأمة مرجعية ذاتها، وتصبح هي ذاتها مصدر شرعيتها، وتصبح إرادتها مصدر وحدتها وتَماسُكها (تماماً كما أن إرادة القوة في المنظومة النيتشوية هي مصدر تَماسُك الفرد ووحدته وهويته) .