وربما يكون الدافع الأكبر وراء الهجرة في هذه الفترة هو تَعثُّر محاولات التحديث في روسيا ثم تَوقُّفها تقريباً، وهو ما انعكس في شكل الاضطهاد الروسي القيصري ضد جميع الأقليات في الإمبراطورية. ولذلك هاجرت أعداد كبيرة من يهود الإمبراطورية الروسية إلى خارجها بحثاً عن مجالات جديدة للحراك الاجتماعي، وللحصول على الحقوق المدنية والسياسية. وكانت الأغلبية العظمى من المهاجرين اليهود من بين يهود اليديشية، ويهود روسيا على وجه الخصوص، حيث كانوا يشكلون ما بين ٧٠% و٨٠% من جملة يهود العالم، وقد كان عددهم نحو عشرة ملايين، وهو ما يعني أن نصفهم تقريباً، أي واحد من كل اثنين، كان في حالة حركة وهجرة وانتقال في الربع الأخير من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين. وهذه نسبة عالية للغاية ولا شك في أنها أسهمت في تفتيت كثير من المؤسسات والروابط والأواصر. ومع أن نسبة الهجرة بين يهود اليديشية كانت أعلى من نسبتها بين الإيطاليين، فإنها كانت أقل من نسبتها بين الأيرلنديين. وقد كان عدد الأيرلنديين عام ١٨٣٠ ثمانية ملايين يشكلون نصف سكان إنجلترا، وقد هاجر منهم أربعة ملايين بين عامي ١٨٣٠ و١٩٠٠.