وتُعَدُّ فلسطين آخر بلد للاستيطان اليهودي في العصر الحديث وأقلها جاذبية، ربما لأنها لا تقع في وسط العالم الغربي الذي يتجه إليه معظم يهود العالم في العصر الحديث وإنما تقع على أطرافه، أي أن نمط الهجرة من منظور المركز الفلسطيني لا يختلف في القرن الأول من الألف الأول الميلادي عنه في القرن الأخير من الألف الثاني، فهي هجرة لا تتجه إليه وإنما هي هجرة تتجه بعيداً عنه.
حركة هجرة اليهود في العالم من ١٨٤٠ - ١٩٤٢
وجدول (١) يبيِّن حركة هجرة اليهود في العالم من ١٨٤٠ إلى ١٩٤٢، وهي أهم فترات الهجرة.
يُلاحَظ من جدول (١) أنه من مجموع ٣.٩١٧.٣٨٨ من المهاجرين، لم يتجه سوى ٣٧٨.٩٥٦ إلى فلسطين في فترة مائة عام تمتد من ١٨٤٠ حتى عام ١٩٤٢، وذلك رغم كل النشاط الاستعماري والصهيوني المكثف. ومن الطريف أن هذا العدد مساو تقريباً لعدد اليهود الذين اتجهوا إلى أمريكا اللاتينية في الفترة نفسها، (٣٧٦.٢٢٧) بفارق ٢.٦٢٩ يهودياً. ولو استبعدنا الهجرة فيما بعد عام ١٩٣١ حيث أغلقت أمريكا اللاتينية أبوابها، فسنكتشف أن عدد المهاجرين إلى أمريكا اللاتينية كان ٢٧٠.٦٠١ مقابل ١٢٥,٩٤٤إلى فلسطين. بل إن بلداً واحداً مثل الأرجنتين هاجر إليه ١٩١.٥٥١، أي أكثر من كل الذين هاجروا إلى فلسطين في الفترة نفسها (وبحسب إحصاءات روبين، كان يوجد في الأرجنتين في عام ١٩٣٠ نحو ٢٢٠ ألفاً و٢٩١ ألفاً في أمريكا اللاتينية كلها) . كما أن بلداً مثل كندا كان يضم ١٥٠ ألف يهودي في عام ١٩٣٠، بينما كانت فلسطين لا تضم سوى ١٧٠ ألفاً. ولكن التحدي الأكبر لأرض الميعاد كان يأتي من البلد الذهبي أو «الجولدن مدينا» ، أي الولايات المتحدة. ففي الفترة التي نشير إلىها، هاجر إلى الولايات المتحدة ٢.٨٠١.٨٩٠ مقابل ٣٧٨.٩٥٦ هاجروا إلى فلسطين.
عدد المهاجرين إلى كل من الولايات المتحدة وفلسطين فى الفترة ١٩١٥- مايو ١٩٤٨ (جدول ٢ (