وقد بلغ الاستيطان اليهودي في فلسطين ذروته في الفترة بين عامي ١٩٣٢ و١٩٣٩، حيث استوطن فلسطين حوالي ٤٦% من مجموع المهاجرين اليهود البالغ عددهم ٥٤٠ ألفاً، ولم يستوطن الولايات المتحدة سوى ٢٠%. وقد بلغ عدد المستوطنين الصهاينة في الفترة ١٩٣١ ـ ١٩٣٥، أي خلال أربعة أعوام، حوالي ١٤٧.٥٠٢ (١٦٥.٧٠٤ بحسب تقديرات الموسوعة اليهودية) وهو عدد يساوي عدد كل المستوطنين الموجودين بالفعل والذين كانوا قد استوطنوا فلسطين خلال الفترة من عام ١٨٨٢ إلى عام ١٩٣٠. وفي الفترة من عام ١٩٣٦ إلى عام ١٩٣٩، هاجر ٧٥.٥١٠ تَذكُر الموسوعة اليهودية هذا الرقم على أنه ٨٦.٠٤٩) . وشهدت الفترة بين عامي ١٩٤٠ و ١٩٤٨ تَحوُّلاً طفيفاً في نمط الهجرة إذ اتجه ١٢٥ ألف مهاجر يهودي من مجموع ٣٠٠ ألف، أي ٤٢% من مجموع المهاجرين، إلى الولايات المتحدة، واتجه إلى فلسطين ١٢٠ ألفاً أي ٤٠% فقط. وقد أدَّى هذا إلى ظهور كثافة سكانية يهودية في فلسطين لم تكن موجودة قبل وصول هتلر إلى الحكم، فكأن الفوهرر نجح خلال ثمانية أعوام، عن طريق خَلْق الظروف الموضوعية لهجرة الىهود من أوربا، في إنجاز ما لم تنجح الحركة الصهيونية والاستعمار العالمي في إنجازه خلال نصف قرن (١٨٨٢ ـ ١٩٣١) ، أي أن الصهيونية الموضوعية البنيوية أكثر كفاءة وفعالية من الصهيونية العقائدية. فقد هاجر في تلك الفترة نحو ثلاثة ملايين يهودي من وطنهم الأصلي ولم تتجه سوى قلة منهم إلى فلسطين. ومع هذا، لا يمكن إنكار دور الصهيونية والاستعمار في خلق هذا الموقف الصهيوني البنيوي. والواقع أن الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة، أوصدت بابها دون اللاجئين اليهود وغير اليهود بسبب ظروف الكساد الاقتصادي. أما الصهاينة، فقد أبرموا مع النازيين معاهدة الهعفراه التي ساهمت في توجيه هجرة يهود ألمانيا إلى فلسطين بحيث يتحولون إلى مستوطنين. وقد سمحت لهم السلطات الألمانية بأخذ جزء كبير من ثرواتهم معهم.