ويبدو أن مصطلح «الشعب اليهودي» يستبعد هؤلاء الشرقيين على مستوى فعلي، وذلك بعد أن كان يستبعدهم اسماً وفعلاً في الماضي. فاليهود الشرقيون، وغيرهم من أعضاء الجماعات، يهود بشكل عام وأعضاء في «الشعب اليهودي» ماداموا في الخارج. ولكنهم حينما يصلون إلى إسرائيل، يصبحون مغاربة أو مصريين، وتتحدد مكانتهم الاجتماعية بل ووضعهم الطبقي حسب هذا التصنيف. ويلجأ بعض يهود المغرب العربي إلى ادعاء أنهم من أصل فرنسي حتى يُحسِّنوا صورتهم أمام الآخرين. وهذا يعني أن النقطة المرجعية لإدراكهم لأنفسهم ولغيرهم ليس الهوية اليهودية المجردة وإنما هويات يهودية مختلفة. ويُلاحَظ أن مصطلح «يهود شرقيون» مصطلح ذو بُعد حضاري ثقافي. ومن ثم، يُشار إلى يهود جنوب أفريقيا بأنهم غربيون نظراً لانتمائهم إلى تشكيل حضاري غربي هو الجيب الاستيطاني الأبيض في جنوب أفريقيا. وتُصِّر النخبة الحاكمة في الدولة الصهيونية على الطبيعة الغربية (الإشكنازية) للدولة. وقد صرح شاعر الصهيونية الأكبر نحمان بياليك، وهو إشكنازي من يهود اليديشية، بأنه يكره العرب لأنهم يُذكِّرونه باليهود الشرقيين. ولعل خوف النخبة الإشكنازية من العزلة الحضارية هو ما يدفعها إلى إثارة الحروب من آونة إلى أخرى في المنطقة حتى لا يندمج الشرقيون في المحيط الحضاري العربي، فهم في حقيقة الأمر، ينتمون حضارياً وعرْقياً إلى هذه المنطقة. ولو تَحقَّق مثل هذا الاندماج، لوجدت النخبة الحاكمة الإشكنازية نفسها في موضع الأقلية مرة أخرى، وهو الأمر الذي خططت هذه النخبة وأنفقت كل أيامها من أجل الهرب منه. وعلى كلٍّ، فقد تحولت الأغلبية الإشكنازية إلى أقلية عددية، ولكنها لا تزال تملك ناصية الأمور وتحتكر صنع القرار.