وإلى جانب هذا، تُوجَد في الوقت الحاضر عناصر أخرى في تجربة جيل الصابرا تدفعه أيضاً بعيداً عن الصهيونية، لا إلى الاستهلاكية والبرجماتية والتأمرك فقط وإنما إلى أحضان الماضي اليهودي الذي كان يهرب منهم وكانوا هم يرفضونه بحثاً عن الجذور (بالإنجليزية: روتس roots) ، وهذا ليس بعودة إلى الماضي، وإنما عودة إثنية إلى الذات الإثنية القومية! ومن أهم هذه العناصر، تفاقم أزمة العلمانية الشاملة في التجمُّع الصهيوني وظهور أزمة هوية بصورة حادة. فالصابرا بدون تاريخ هو في نهاية الأمر بدون هوية. كما أن الصابرا، هذا العلماني الشامل البرجماتي، يجد نفسه في دولة كل ما فيها رموز دينية، مثل نجمة داود والمينوراه، وحتى الاسم «يسرائيل» معناه «المدافع عن الإله» . كما يجد نفسه مضطراً لأن يخوض حروباً باسم هذه القيم الدينية التي يُفترض فيه أنه لا يؤمن بها إلا باعتبارها فلكلورًا شعبيًا! وقد آتت مادة «الوعي اليهودي» أكلها، إذ بدأ بعض أعضاء جيل الصابرا يدركون عناصر هذا الماضي ويفهمونها في سياقها. ومن ثم بدأوا ينظرون إلى عالم المَنْفَى بشيء من الإعجاب وبكثير من الشك في شخصية الصابرا المجردة التي لا جذور لها ولا تراث. وقد كان يهودي المَنْفَى - حسب هذه الرؤية - ذا هوية حدودها واضحة مُتعيِّنة على الأقل، وله لغته وثباته وتراثه. كما كانت الجماعة اليهودية تتسم بالتماسك الشديد والتضامن، على عكس المجتمع الصهيوني الذي يفتقد الهوية الواضحة وتُفتِّته النزعات الحزبية ويفتقد الاجماع القومي في الوقت الحاضر. (فكَّر سكان الكيبوتسات بالفعل في ذلك الوقت في الطرق المختلفة للانتحار) .