للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن القول بأن فكر حركة الكنعانيين هو تعبير عن وجهة نظر إسرائيلية تختلف عن وجهة النظر الصهيونية، فهو تعبير متطرف عن إحساس جيل الصابرا باختلافهم عن يهود العالم وانفصالهم النفسي والثقافي والعرْقي عنهم. ولعل أهم نقط الاختلاف بين وجهتي النظر تتلخص في محاولة الكنعانيين التملص من التصور الصهيوني لما يُسمَّى «الشعب اليهودي» و «القومية اليهودية» ذات الأبعاد الدينية القومية، فالكنعانيون يحاولون إضفاء شيء من السواء على الظاهرة الإسرائيلية عن طريق إلغاء الجانب الديني من المقدَّسات القومية الإسرائيلية والإبقاء على الجانب القومي وحده، آملين أن يتحوَّل النمط الإسرائيلي عن طريق ذلك إلى نمط قومي عادي يشبه بقية الأنماط القومية المعروفة، أي أن فكرة الشعب المختار صاحب الحقوق المطلقة وموضع الحلول الإلهي والذي يضم اليهود أينما كانوا تحل محلها فكرة الشعب الإسرائيلي الموجود في الشرق الأوسط في فلسطين والذي له حقوق قومية عادية. وإذا كان المفكر الصهيوني يتباهى عادةً بأن الشعب اليهودي لا يُصنَّف، فإن الكنعانيين يؤكدون أنهم أمة مثل كل الأمم. ويؤمن الكنعانيون بأن أمامهم بديلين لا ثالث لهما: إما أن يكونوا آخر اليهود أو أن يكونوا بداية لأمة جديدة (على حد قول بيرديشفسكي) وهم يفضلون البديل الثاني. ولذلك فالكنعاني يؤمن بأن الدولة الجديدة هي نهاية المنفى والجيتو بل ونهاية اليهودية ذاتها، وأن أية سمات «يهودية» للدولة الجديدة هي سمات متخلفة ورواسب من الماضي الميت، وأن على الإسرائيليين أن يخلقوا حضارة جديدة مستقلة تماماً عن التراث اليهودي ومرتبطة بحضارة الشرق الأدنى القديم (ولذلك كانوا يطالبون بعبادة عشتروت زوجة الإله بعل الكنعاني) . وفكر الحركة الكنعانية متأثر ببيرديشفسكي وأفكاره الكونية وبالنزعات النيتشوية الفلسفية، وزعيم الحركة هو الكاتب يوناثان رطوش (اسمه الحقيقي: أويل هالبرين شيلا) ، ومن بين أعضائها الكاتب

<<  <  ج: ص:  >  >>