للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مارس المارانو (اليهود) جميع الشعائر التي تقتضيها الديانة المسيحية في العلن. ولكن بعضهم ظل، في الوقت ذاته، يمارس شعائر الديانة اليهودية سراً. فكان اليهودي المارانو يُعمِّد أطفاله ويذهب إلى الكنيسة يوم الأحد ويذهب للاعتراف دون أن يدلي بأية اعترافات حقيقية، ويتناول القربان في الكنيسة ثم يبصقه خارجها. وقد تأثرت عقيدتهم اليهودية بطول التخفي، فاختفت شعائر يهودية، مثل: الختان، والذبح الشرعي، واستخدام شال الصلاة، وكثير من الأعياد. واكتسبت الشعائر ملامح جديدة ابتعدت بهم تماماً عن دينهم الأصلي. وكان أساس عقيدة المارانو هو الإيمان بأن الخلاص يتم من خلال شريعة موسى لا من خلال الكنيسة أو المسيح، وكانوا يؤمنون بأن تنصيرهم القسري هو جزء من العقاب الإلهي الذي حاق باليهود، تماماً مثل النفي (في حالة اليهودية الحاخامية) . وقد تبوأت إستير مكانة خاصة في فكرهم الديني، فكان يُنظَر إليها باعتبارها صورة مُسبَقة لما يحدث لهم. فإستير، هي الأخرى، اضطرت إلى إخفاء هويتها الدينية مدة من الزمن حتى تحرز مكانة متميِّزة داخل البلاط الفارسي. وقد تمكنت خلال ذلك من إنقاذ شعبها من المذبحة التي كان يدبرها هامان لهم. وقد أنكر المارانو أن المسيح عيسى بن مريم هو الماشيَّح، وأصبح هذا الإنكار ركناً أساسياً في عقيدتهم، وهو ما زاد من أهمية العقيدة المشيحانية وانتظار مجىء الماشيَّح، ولعلها أصبحت المبدأ الوحيد. وكان المارانو يحتفلون بشعائر السبت يوم الأحد، وإن كان الاحتفال يأخذ شكلاً يسمح بالتخفي مثل: تنظيف المنزل، وتغيير الملاءات والملابس، والاستحمام، وإعداد وجبة تُسمَّى «أدافينا» (وكانت تُعَدُّ قبل يوم السبت) . كما كانوا يحتفلون بأعياد اليهود المهمة الأخرى (مثل عيد الفصح وعيد الغفران) بعد العيد بعدة أيام حتى لا تتعقبهم محاكم التفتيش. وكان الصوم من أهم الشعائر التي يمارسونها لسهولة إخفائه، كما أن صوم إستير كان أهم

<<  <  ج: ص:  >  >>