للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد موت سليمان، انحلت المملكة المتحدة إلى دويلتين عبرانيتين: المملكة الشمالية، والمملكة الجنوبية. وكان لكلٍّ مركز ديني مستقل عن الأخرى. ومسألة المركز الديني في العبادات القربانية القديمة، التي تدور حول المعبد، مسألة شديدة الأهمية، فالمعبد هو مصدر الشرعية السياسية ومصدر الدخل الأساسي للدولة، وهو في نهاية الأمر مصدر الهوية القومية وأساسها. وقد كان ملوك الدويلتين العبرانيتين يتزوجون، كنوع من التحالفات السياسية، من أميرات أجنبيات كن يحضرن آلهتهن معهن ويقمن المعابد لهم وينشرن العبادات الخاصة بهم بين الأثرياء وفي البلاط، الأمر الذي كان يزيد التعددية الدينية وعدم التجانس القومي. والزواج من أجنبيات هو عادة ترجع إلى سليمان الذي لم تكن أمه عبرانية. وثمة رأي يذهب إلى أن العبرانيين كانوا يتحدثون في تلك المرحلة بلهجات مختلفة، ولم تكن هناك بالتالي هوية لغوية موحَّدة. وكانت الدويلتان اليهوديتان في حالة حرب وصراع دائمين، كما كانتا تستعينان بالدول والدويلات الأجنبية في صراعهما (الواحدة ضد الأخرى) . فقد قامت آشور بالهجوم على الدويلة الشمالية، وفعلت ذلك بناء على طلب من دويلة يهودا الجنوبية التي طالبت بحمايتها من الضغوط التي كان يمارسها عليها الحلف المعادي لآشور، والذي تَشكَّل بين الدويلات الآرامية والمملكة الشمالية.

وفي هذا الإطار، يكون الحديث عن هوية عبرانية متسماً بالتجاوز، ولكنه مع هذا يَصلُح إطاراً أو تعريفاً إجرائياً ضرورياً لتقسيم تَطوُّر ما يُسمَّى «الهوية اليهودية» عبر المراحل التاريخية.

<<  <  ج: ص:  >  >>