للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه صورة المجتمع العلماني النماذجية، أي أنها صورة غير واقعية ولكنها، مع هذا، ممثلة للواقع. وداخل هذا الإطار، ظهرت الهوية اليهودية الجديدة، التي نطلق على أصحابها مصطلح «اليهود الجدد» لنميزهم عن يهود ما قبل القرن التاسع عشر وعن يهود مرحلة ما قبل الانعتاق. وفي بعض الدراسات المتخصصة، يُقال لليهود الجدد «يهود ما بعد مرحلة الإعتاق» ، كما يمكن أن يُشار إليهم ببساطة بوصفهم «يهود العالم الغربي» ، أو «اليهود الغربيين» ، مع إسقاط المصطلحات التي تشير إلى هويات إثنية أو إثنية دينية مختلفة، مثل: «يهود اليديشية» أو «السفارد» أو «الإشكناز» ، لأنها لم تَعُد تَصلُح إطاراً مرجعياً. فاليديشية اختفت تقريباً، كما اختفت أية ملامح إثنية أتى بها المهاجرون اليهود من أوطانهم الأصلية. وأهم كتلة يهودية بين اليهود الغربيين تتمثل في الأمريكيين اليهود (وليس اليهود الأمريكيين) الذين استُوعبوا في الحضارة الأمريكية تماماً ولا وجود لهم خارجها ولا يمكن فَهْم سلوكهم دون الرجوع إليها.

والأمريكيون اليهود هم أهم قطاعات هؤلاء اليهود الجدد وأكبرها، إذ يشكلون نحو ٩٠% منهم، ويمثلون جماهير الصهيونية الغربية وعمودها الفقري ويؤثرون في صنع القرار الأمريكي، وحيث إن يهود أوربا الغربية بل ويهود أوربا الشرقية أيضاً آخذون في التلاشي (باستثناء يهود فرنسا التي هاجر إليها يهود المغرب) ، فإننا نستخدم أحياناً مصطلح «اليهود الجدد» كمرادف لمصطلح «الأمريكيون اليهود» . وقد ساهمت خصوصية الولايات المتحدة الأمريكية في سرعة ظهور الهوية اليهودية الجديدة وفي بلورتها، وتتمثل هذه الخصوصية في العناصر التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>