ومن أكبر العلامات الأخرى على الاندماج الكامل ما يُعرَف بالاندماج الاقتصادي. فلم يَعُد اليهود يشكلون كتلة اقتصادية مستقلة داخل المجتمعات الغربية. ولم يَعُد لهم هرم وظيفي مستقل عن الهرم السائد في المجتمع (إلا من بعض الجوانب فقط) . كما لا يمكن الحديث عن «رأسمالية يهودية» أو حتى عن «رأسمالية يهودية أمريكية أو إنجليزية» ، فرؤوس الأموال التي يملكها الرأسماليون اليهود إنما هي رؤوس أموال أمريكية أو إنجليزية ليس لها حركية مستقلة أو اتجاه مستقل، أي أنها جزء صغير من كلٍّ أكبر. والرأسمالي أو المهني أو العامل اليهودي لا يواجه مشاكل خاصة به، بل يواجه المشاكل نفسها التي يواجهها أقرانه في الشريحة الاجتماعية نفسها أو في المهن نفسها. ويُلاحَظ أن الأمريكيين اليهود يتركزون في الوقت الحالي في المهن (الطب والجامعات والإعلام ... إلخ) وهو اتجاه آخذ في التعمق باعتبار أن عدد الشباب اليهودي في الجامعات الأمريكية يتزايد على مر الأيام. ولكن هذا هو الاتجاه العام في المجتمعات الاستهلاكية، إذ يزيد قطاع الخدمات تدريجياً بازدياد الرفاهية. ومع تزايد اعتماد المجتمعات الحديثة على الآلات العلمية والإلكترونيات، يزداد احتياج المجتمع إلى المهنيين. وإذا كانت نسبة اليهود المهنيين أعلى من النسبة العامة في الولايات المتحدة، فهذا ليس دليلاً على التمييز العنصري وإنما هو دليل على أن اليهود، باعتبارهم أقلية، يتسمون بقدر من الحركية أعلى من تلك التي يتسم بها بقية أعضاء المجتمع، فيسارعون باغتنام الفرص التعليمية المتاحة ويحققون درجة من الحراك الاجتماعي تزيد عن تلك التي يحققها بقية أعضاء المجتمع، وهم في هذا لا يختلفون عن أعضاء الأقليات الأخرى.