للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الضروري أن نتنبه إلى أن مقولة الهوية اليهودية في السياق الصهيوني الاستيطاني ليست مجرد مقولة نفسية أو فلسفية أو دينية، فهي مقولة قانونية تحمل مضموناً سياسياً واقتصادياً محدَّداً. فلليهودي، في الدولة الصهيونية، مزايا وحقوق معينة لا يتمتع بها غير اليهودي. كما أن ثمة وكالات ومؤسسات صهيونية عديدة يمولها يهود الخارج وتُعدُّ الترجمة الفعلية والمؤسسية لمقولة اليهودي هذه، فهي مؤسسات تمد يد المساعدة لليهود وحسب، وتحجبها عن غير اليهود. وأهم هذه المؤسسات الصندوق القومي اليهودي الذي يمتلك معظم أراضي فلسطين المحتلة باسم الشعب اليهودي، والذي تُحرِّم قوانينه بيع هذه الأراضي أو تأجيرها لغير اليهود، أو حتى استخدامهم للعمل فيها. وبذلك يمكننا أن نقول إن التعريف الصهيوني للهوية اليهودية هو الأساس النظري للممارسات الصهيونية العنصرية ضد العرب، بل إن عمليات ضم الأراضي تتم باسم هذه الهوية. وبالفعل، حذَّر الحاخام آرون سولوفاشيك (زعيم اليهودية الأرثوذكسية في الولايات المتحدة) من أن قبول التعريف العلماني لليهودي سيقوي عناصر الضغط على إسرائيل لأن تتنازل عن الأراضي المحتلة وعن أجزاء من القدس وحائط المبكى، حيث إنها ضمتها باسم الهوية اليهودية وباسم الحقوق التي يتمتع بها اليهود.

الهويات اليهودية والتناقض بين الرؤية الصهيونية والممارسة الإسرائيلية

Jewish Identities and the Contradiction Between the Zionist Outlook and Israeli Practice

كانت كل جماعة يهودية تمارس تجربتها التاريخية والدينية بمعزل عن الجماعات الأخرى، وكانت كل منها تُطوِّر هويتها الدينية والإثنية من خلال التشكيل الحضاري الذي تُوجَد فيه وتتعامل معه وتُسمِّي نفسها «يهودية» ، وذلك دون البحث عن خاصية جوهرية ما تربط كل أعضاء الجماعات معاً، ودون الحاجة إلى تعريف دقيق وعالمي وشامل لليهودي.

<<  <  ج: ص:  >  >>