للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما السياق الثالث الذي تتم الإشارة فيه إلى اليهودي، فهو المحاكم الحاخامية التي تمارس السلطة المُطلَقة في أمور الزواج والطلاق. والتعريف الذي تأخذ به هذه المحاكم هو التعريف الديني القومي (الأرثوذكسي) وحسب، وهو يستبعد أي تعريف آخر. ويمكننا أن نتحدث عن عدة تناقضات أساسية، واجهها الصهاينة في محاولتهم تطبيق المُثُل الصهيونية، ولكنهم فضلوا إرجاءها وعدم التعرض لها:

١ ـ التناقض بين الدينيين واللادينيين:

التعريف الديني الأرثوذكسي لليهودي أمر معروف أقرته الشريعة اليهودية الحاخامية. أما التعريف القومي (غير الديني) ، فهو مسألة غامضة للغاية، إذ أن من الصعب تعريف هذه الخاصية القومية الفريدة التي تُميِّز هذا الحشد الهائل من الجماعات اليهودية التي تتمتع بهويات متعددة. ومن الصعب كذلك، بل وربما من المستحيل، تعريف اليهودي الملحد أو اليهودي الإثني، أو اليهودي غير اليهودي. وفي نهاية الأمر، تصبح المسألة مسألة إحساس داخلي غامض يمارسه اليهودي بوجود هذه الخاصية اليهودية داخله. ولذلك، يشير بعض المعلقين إلى التعريف الديني بأنه تعريف موضوعي، أي يستند إلى مقاييس خارجة عن الذات ويمكن الاحتكام إليها. أما التعريف العلماني، فهو تعريف ذاتي يستند إلى حالة شعورية تتفاوت في حدتها وعمقها من شخص إلى آخر. وبالفعل، تُعرِّف الأوساط العلمانية اليهودي بأنه من يشعر في قرارة نفسه بأنه يهودي ويعلن ذلك بإخلاص دون الحاجة إلى قرائن خارجية، وهو تعريف يخلق من المشاكل أكثر مما يحلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>