للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنفهم مدى عمق هذه المواجهة، لابد أن نتناول وضع الجماعات اليهودية في العالم. فلو نظرنا إلى الهويات اليهودية في أنحاء العالم الغربي خصوصاً في الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حيث يتركز معظم يهود العالم لوجدنا أن ثمة هويات متعددة غير متجانسة مندمجة في مجتمعاتها تتفاعل معها بحيث أصبح الإطار المرجعي لهويتهم وأساسها هو تجربتهم التاريخية في أوطانهم وليس التعريف الصهيوني أو اليهودي وإن كان ثمة عنصر مشترك بينها فهو المرجعية العلمانية النهائية التي أدَّت إلى ظهور «الهوية اليهودية الجديدة» فهوية يهود أمريكا على سبيل المثال هوية أمريكية ذات أبعاد إثنية دينية يهودية هامشية والحديث الصارخ عن بعث الإثنية في الولايات المتحدة والتمسك بها إنما هو من قبيل الادعاءات اللفظية المريحة للغاية. فمفهوم الهوية في الإطار الأمريكي لا يختلف أبداً عن مفهوم الدين، وكل من الدين والهوية شيئان يمكن تَقبُّلهما شريطة أن يتم تهميشهما حتى لا يتعارضا مع أداء اليهودي في رقعة الحياة العامة ولا يهددا الانتماء إلى المجتمع الأمريكي. ولكن إذا استبعدنا الهوية والدين من الحياة العامة ومن الإحساس بالانتماء، فلا يبقى شيء سوى زخارف أو تسلية تُمارس في أوقات الفراغ من آونة لأخرى، ولا تشكل بعدًا حقيقيا في بناء شخصية المرء ولا في رؤيته للكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>